تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٠
مكلل بأصول النبت تنسجه ريح حريق لضاحي مائه حبك كما استغاث بشيء قبر عنطلة خاف العيون ولم ينظر به الحشك * وقرأ الجمهور أني بفتح أي بأني وعيسى بن عمر ورواها عن أبي عمرو وإني بكسرها على إضمار القول على مذهب البصريين أو على الحكاية باستجاب لإجرائه مجرى الفعل إذ سوى في معناه وتقدم الكلام في شرح استجاب. وقرأ الجمهور بألف على التوحيد والجحدري بآلف على وزن أفلس وعنه وعن السدي بآلف والجمع بين الأفراد والجمع أن يحمل الأفراد على من قاتل منهم أو على الوجوه الذين من سواهم اتباع لهم؛ وقرأ نافع وجماعة من أهل المدينة وغيرهم مردفين بفتح الدال وباقي السبعة والحسن ومجاهد بكسرها أي متابعا بعضهم بعضا، وروي عن ابن عباس: خلف كل ملك ملك وراءه. وقرأ بعض المكيين فيما روى عنه الخليل بن أحمد وحكاه عن ابن عطية مردفين بفتح الراء وكسر الدال مشددة أصله مرتدفين فأدغم؛ وقال أبو الفضل الرازي وقد يجوز فتح الراء فرارا إلى أخف الحركات أو لثقل حركة التاء إلى الراء عند الإدغام ولا يعرف فيه أثرا انتهى؛ وروي عن الخليل أنه يضم الراء اتباعا لحركة الميم لقولهم مخضم؛ وقرئ كذلك إلا أنه بكسر الراء اتباعا لحركة الدال أو حركت بالكسر على أصل التقاء الساكنين؛ قال ابن عطية: ويحسن مع هذه القراءة كسر الميم ولا أحفظه قراءة كقولهم مخصم، وتقدم الكلام في عدد الملائكة وهل قاتلت أم لم تقاتل في آل عمران ولم تتعرض الآية لقتالهم والظاهر أن قراءة من قرأ مردفين بسكون الراء وفتح الدال أنه صفة لقوله بألف أي أردف بعضهم لبعض؛ قال ابن عطية: ويحتمل أن يراد بالمردفين المؤمنين أي أردفوا بالملائكة فمردفين على هذا حال من الضمير قال الزمخشري وأردفته إياه إذا اتبعته ويقال أردفته كقولك اتبعته إذا جئت بعده فلا يخلو المسكور الدال أن يكون بمعنى متبعين أو متبعين فإن كان بمعنى متبعين فلا يخلو أن يكون بمعنى متبعين بعضهم بعضا أو متبعين بعضهم لبعض أو بمعنى متبعين إياهم المؤمنون أي يتقدمونهم فيتبعونهم أنفسهم أو متبعين لهم يشيعوهم ويقدمونهم بين أيديهم وهم على ساقتهم ليكونوا على أعينهم وحفظهم أو بمعنى متبعين أنفسهم ملائكة آخرين أو متبعين غيرهم من الملائكة ويعضد هذا الوجه قوله تعالى في سورة آل عمران * (بثلاثة ءالاف من الملئكة منزلين) * * (بخمسة ءالاف من الملئكة مسومين) * انتهى. وهذا تكثير في الكلام وملخصه أن اتبع مشددا يتعدى إلى واحد واتبع مخففا يتعدى إلى اثنين وأردف أتى بمعناهما والمفعول ل (تبع) محذوف والمفعولان ل (تبع) محذوفان فيقدر ما يصح به المعنى وقوله أو متبعين إياهم المؤمنين هذا ليس من مواضع فصل الضمير بل مما يتصل وتحذف له النون لا يقال هؤلاء كاسون إياك ثوبا بل يقال كاسوك فتصحيحه أن يقول أو بمعنى متبعيهم المؤمنين أو يقول أو بمعنى متبعين أنفسهم المؤمنين.
* (وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز * عزيز حكيم) * تقدم تفسير نظير هذه الآية والمعنى إلا بشرى لكم وأثبت في آل عمران لأن القصة فيها مسهبة وهنا موجزة فناسب هنا الحذف وهنا قدم وأخر هناك على سبيل التفنن والاتساع في الكلام وهنا جاء أن الله عزيز حكيم مراعاة لأواخر الآي وهناك ليست آخر آية لتعلق يقطع بما
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»