* أبوك الذي أجدى علي بنصره * فأنصت عني بعده كل قائل * قال: يريد فأسكت عني. الآصال جمع أصل وهو العشي كعنق وأعناق أو جمع أصيل كيمين وأيمان ولا حاجة لدعوى أنه جمع جمع كما ذهب إليه بعضهم إذ ثبت أن أصلا مفرد وأن كان يجوز جمع أصيل على أصل فيكون جمعا ككثيب وكثب، ومن ذهب إلى أن آصالا جمع أصل ومفرد أصل أصيل الفراء ويقال: جئناهم موصلين أي عند الأصيل.
* (هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) *. مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما تقدم سؤال الكفار عن الساعة ووقتها وكان فيهم من لا يؤمن بالبعث ذكر ابتداء خلق الإنسان وإنشائه تنبيها على أن الإعادة ممكنة، كما أن الإنشاء كان ممكنا وإذا كان إبرازه من العدم الصرف إلى الوجود واقعا بالفعل وإعادته أحرى أن تكون واقعة بالفعل، وقيل: وجه المناسبة أنه لما بين الذين يلحدون في أسمائه ويشتقون منها أسماء لآلهتهم وأصنامهم وأمر بالنظر والاستدلال المؤدي إلى تفرده بالإلهية والربوبية بين هنا أن أصل الشرك من إبليس لآدم وزوجته حين تمنيا الولد الصالح وأجاب الله دعاءهما فأدخل إبليس عليهما الشرك بقوله سمياه عبد الحرث فإنه لا يموت ففعلا ذلك، وقال أبو عبد الله الرازي ما ملخصه لما أمر بالنظر في الملكوت الدال على الوحدانية وقسم خلقه إلى مؤمن وكافر ونفى قدرة أحد من خلقه على نفع نفسه أو ضرها رجع إلى تقرير التوحيد انتهى، والجمهور على أن المراد بقوله من نفس واحدة آدم عليه السلام فالخطاب بخلقكم عام والمعنى أنكم تفرعتم من آدم عليه السلام وأن معنى وجعل منها زوجها هي حواء ومنها إما من جسم آدم من ضلع من أضلاعه وإما أن يكون من جنسها كما قال تعالى * (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) * وقد مر هذان القولان في أول النساء مشروحين بأكثر من هذا ويكون الإخبار بعد هذه الجملة عن آدم وحواء ويأتي تفسيره إن شاء الله تعالى، وعلى هذا القول فسر الزمخشري الآية وقد رد هذا القول أبو عبد الله الرازي وأفسده من وجوه. الأول فتعالى الله عما يشركون فدل على أن الذين أتوا بهذا الشرك جماعة. الثاني أنه قال بعده أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون وهذا رد على من جعل الأصنام شركاء ولم يجر لإبليس في هذه الآية ذكر، الثالث لو كان المراد إبليس لقال أيشركون من لا يخلق ثم ذكر الرازي ثلاثة وجوه أخر من جهة النظر يوقف عليها من كتابه، وقال الحسن وجماعة الخطاب لجميع الخلق والمعنى في هو الذي خلقكم من نفس واحدة من هيئة واحدة وشكل واحد وجعل منها زوجها أي من جنسها ثم ذكر حال الذكر والأنثى من الخلق ومعنى جعلا له شركاء أي حرفاه عن الفطرة إلى الشرك كما جاء: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه). وقال القفال نحو هذا القول قال هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها وذكر حال الزوج والزوجة وجعلا أي الزوج والزوجة، لله تعالى شركاء فيما آتاهما لأنهما تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام انتهى، وعلى هذا لا يكون لآدم وحواء ذكر في الآية، وقيل الخطاب بخلقكم خاص وهو لمشركي العرب كما يقربون المولود للات والعزى والأصنام تبركا بهم في الابتداء وينقطعون بأملهم إلى الله تعالى في ابتداء خلق الولد إلى انفصاله ثم يشركون فحصل التعجب منهم، وقيل: الخطاب خاص أيضا وهو لقريش المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم) ونفس واحدة هو قضى منها أي من جنسها زوجة عربية قرشية ليسكن إليها