تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٣١
خلاصهم والضمير في بعده للقرآن أو الرسول وقصته وأمره أو الأجل إذ لا عمل بعد الموت أقوال ثلاثة. قال الزمخشري: (فإن قلت): بم يتعلق قوله فبأي حديث بعده يؤمنون، (قلت): بقوله: عسى أن يكون قد اقترب أجلهم كأنه قيل: لعل أجلهم قد اقترب فما لهم لا يبادرون إلى الإيمان بالقرآن قبل الفوت ما ينتظرون بعد وضوح الحق وبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا. * (من يضلل الله فلا هادي له) *. نفى نفيا عاما أن يكون هاد لمن أضله الله فتضمن اليأس من إيمانهم والمقت بهم. * (ويذرهم فى طغيانهم يعمهون) *. قرأ الحسن وقتادة وأبو عبد الرحمن وأبو جعفر والأعرج وشيبة والحرميان وابن عامر ونذرهم بالنون ورفع الراء وأبو عمرو وعاصم بالياء ورفع الراء وهو استئناف إخبار قطع الفعل أو أضمر قبله ونحن فيكون جملة اسمية، وقرأ ابن مصرف والأعمش والأخوان وأبو عمرو فيما ذكر أبو حاتم بالياء والجزم وروى خارجة عن نافع بالنون والجزم وخرج سكون الراء على وجهين أحدهما أنه سكن لتوالي الحركات كقراءة وما يشعركم وينصركم فهو مرفوع والآخر أنه مجزوم عطفا على محل فلا هادي له فإنه في موضع جزم فصار مثل قوله فهو خير لكم ونكفر في قراءة من قرأ بالجزم في راء ونكفر. ومثل قول الشاعر:
* أنى سلكت فإنني لك كاشح * وعلى انتقاصك في الحياة وازدد * * (يسئلونك عن الساعة أيان مرساها) * الضمير في يسألونك لقريش قالوا يا محمد إنا قرابتك فأخبرنا بوقت الساعة، وقال ابن عباس: الضمير لليهود، قال حسل بن أبي بشير وشمويل بن زيدان ان كنت نبيا فأخبرنا بوقت الساعة فإنا نعرفها فإن صدقت آمنا بك فنزلت، ومناسبتها لما قبلها أنه لما ذكر التوحيد والنبوة والقضاء والقدر أتبع ذلك بذكر المعاد وأيضا فلما تقدم قوله وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم وكان ذلك باعثا على المبادرة إلى التوبة أتى بالسؤال عن الساعة ليعلم أن وقتها مكتوم عن الخلق فيكون ذلك سببا للمسارعة إلى التوبة والساعة القيامة موت من كان حينئذ حيا وبعث الجميع فيقع عليه اسم الساعة واسم القيامة والساعة من الأسماء الغالبة كالنجم للثريا، وقرأ الجمهور أيان بفتح الهمزة والسلمي بكسرها حيث وقعت وتقدم أنها لغة قومه سليم ومرساها مصدر أي متى إرساؤها وإثباتها إقرارها والرسو ثبات الشيء الثقيل ومنه رسا الجبل وأرسيت السفينة والمرسا المكان الذي ترسو فيه، وقال الزمخشري: مرساها إرساؤها أو وقت إرسائها أي إثباتها وإقرارها انتهى، وتقديره أو وقت إرسائها ليس بجيد لأن أيان اسم استفهام عن الوقت فلا يصح أن يكون خبرا عن الوقت إلا بمجاز لأنه يكون التقدير في أي وقت وقت إرسائها وأيان مرساها مبتدأ وحكى ابن عطية عن المبرد أن مرساها مرتفع بإضمار فعل ولا حاجة إلى هذا الإضمار وأيان مرساها جملة استفهامية في موضع البدل من الساعة والبدل على نية تكرار العامل وذلك العامل معلق عن العمل لأن الجملة فيها استفهام ولما علق الفعل وهو يتعدى بعن صارت الجملة في موضع نصب على إسقاط حرف الجر فهو بدل في الجملة على موضع عن الساعة لأن موضع المجرور نصب ونظيره في البدل قولهم عرفت زيدا أبو من هو على أحسن المذاهب في تخريج هذه المسألة أعني في كون الجملة الاستفهامية تكون في موضع البدل.
* (قل إنما علمها عند
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»