يشركون، وقال الخطابي: الغلط في أسمائه والزيغ عنها إلحاد، وقرأ حمزة: * (يلحدون) * بفتح الياء والحاء وكذا في النحل والسجدة وهي قراءة ابن وثاب والأعمش وطلحة وعيسى، وقرأ باقي السبعة بضم اياء وكسر الحاء فيهن و * (سيجزون) * وعيد شديد واندرج تحت قوله * (ما كانوا يعملون) * الإلحاد في أسمائه وسائر أفعالهم القبيحة.
* (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * لما ذكر من ذرأ للنار ذكر مقابلهم وفي لفظة * (وممن) * دلالة على التبعيض وأن المعظم من المخلوقين ليسوا هداة إلى الحق ولا عادلين به، قيل: هم العلماء والدعاء إلى الدين، وقيل: هم مؤمنو أهل الكتاب قاله ابن الكلبي وروي عن قتادة وابن جريج، وقيل: هم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان، وقال ابن عباس: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم) وعليه أكثر المفسرين وروي في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) كان إذا قرأها قال: (هذه لكم، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها) * (ومن قوم موسى) * الآية وعنه صلى الله عليه وسلم): (إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم) والظاهر أن هذه الجملة أخبر فيها أن ممن خلق أمة موصوفون بكذا فلا يدل على تعيين لا في أشخاص ولا في أزمان وصلحت لكل هاد بالحق من هذه الأمة وغيرهم وفي زمان الرسول وغيره، كما أن مقابلها في قوله * (ولقد ذرأنا لجهنم) * لا يدل على تعيين أشخاص ولا زمان وإنما هذا تقسيم للمخلوق للنار والمخلوق للجنة ولذلك قيل: إن في الكلام محذوفا تقديره * (وممن خلقنا) * يدل عليه إثبات مقابله في قوله * (ولقد ذرأنا لجهنم) *.
وقال الجبائي: هذه الآية تدل على أن لا يخلو زمان البتة ممن يقوم بالحق ويعمل به ويهذي إليه وأنهم لا يجتمعون في شيء من الأزمنة على الباطل انتهى، والآية لا تدل على ما زعم الجبائي وما قاله مخالف لما روي من أنه لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ولا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله ولا تقوم الساعة حتى يسري على كتاب الله فلا يبقي منه حرف أو كما قال: * (والذين كذبوا بئاياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) *. قال الخليل بن أحمد: سنطوي أعمارهم في اغترار منهم، وقال أبو عبيدة: الاستدراج أن تدرج إلى الشيء في خفية قليلا قليلا ولا تهجم عليه وأصله من الدرجة وذلك أن الراقي والنازل يرقى وينزل مرقاة مرقاة ومنه درج الكتاب طواه شيئا بعد شيء ودرج القوم ماتوا بعضهم في أثر بعض، وقال ابن قتيبة: هو أن يذيقهم من بأسه قليلا قليلا من حيث لا يعلمون ولا يتابعهم به ولا يجاهرهم، وقال الأزهري سنأخذهم قليلا قليلا من حيث لا يحتسبون وذلك أن الله تعالى يفتح بابا من النعة يغتبطون به ويركنون إليه ثم يأخذهم على غرتهم أغفل ما يكون انتهى ومنه درج الصبي إذا قارب بين خطاه والمعنى سنسترقهم شيئا بعد شيء ودرجة بعد درجة بالنعم عليهم والإمهال لهم حتى يغتروا ويظنوا أنهم لا ينالهم عقاب، وقال الجبائي سنستدرجهم إلى العقوبات حتى يقعوا فيها من حيث لا يعلمون استدراجا لهم إلى ذلك فيجوز أن يكون هذا العذاب في الدنيا كالقتل ويجوز أن يكون عذاب الآخرة، وقال الزمخشري: ومعنى * (سنستدرجهم) * سنستدينهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم ويضاعف عقابهم من حيث لا يعلمون ما يراد بهم وذلك أن يواتر الله نعمة عليهم مع انهماكهم في الغي فكلما جدد عليهم نعمة ازدادوا بطرا وجددوا معصية فيتدرجون في المعاصي بسبب ترادف النعم ظانين أن مواترة النعم أثرة من الله وتقريب، وإنما هي خذلان منه وتبعيد فهذا استدراج الله نعوذ بالله تعالى منه، من حيث لا يعلمون