تنبت له أجنحة ولا يطير، وقال ابن جبير عن ابن عباس: هو السوس الذي يقع في الحنطة، وقال الحسن وابن جبير: دواب سود صغار، وقال حبيب بن أبي: ثابت هو الجعلان، وقال أبو عبيدة: هو الحمنان وهو ضرب من القردان، وقال عطاء الخراساني وزيد بن أسلم: هو القمل المعروف وهو لغة فيه ويؤيده قراءة الحسن بفتح القاف وسكون الميم، وقيل هو البراغيث حكاه ابن زيد وروي أن موسى مشى إلى كثيب أهيل فضربه بعصاه فانتشر كله قملا بمصر فأكل ما أبقاه الجراد ولحس الأرض وكان يدخل بين جلد القبطي وقميصه ويمتلىء الطعام ليلا ويطحن أحدهم عشرة أجربة فلا يرد منها إلا يسيرا وسعى في أبشارهم وشعورهم وأهداب عيونهم ولزمت جلودهم فضجوا وفزعوا إلى موسى عليه السلام فرفع عنهم فقالوا قد تحققنا الآن أنك ساحر وعزة فرعون لا نصدقك أبدا، فأرسل الله عليهم بعد شهر الضفادع فملأت آنيتهم وأطعماتهم ومضاجعهم ورمت بأنفسها في القدور وهي تغلي وفي التنانير وهي تفور وإذا تكلم أحدهم وثبت إلى فيه، قال ابن جبير: وكان أحدهم يجلس في الضفادع إلى ذقنه فقالوا لموسى ارحمنا هذه المرة ونحن نتوب التوبة النصوح ولا نعود فأخذ عليهم العهود فكشف عنهم فنقضوا العهد فأرسل الله عليهم الدم، قال الجمهور: صار ماؤهم دما حتى أن الإسرائيلي ليضع الماء في القبطي فيصير في فيه دما وعطش فرعون حتى أشفى على الهلاك فكان يمص الأشجار الرطبة فإذا مضغها صار ماؤها الطيب ملحا أجاجا، وقال سعيد بن المسيب: سال عليهم النيل دما، وقال زيد بن أسلم: الدم هو الرعاف سلطه الله عليهم ومعنى تفصيل الآيات تبيينها وإزالة أشكالها والتفصيل في الإجرام هو التفريق وفي المعاني يراد به أنه فرق بينها فاستبانت وامتاز بعضها من بعض فلا يشكل على العاقل أنها من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره وأنها عبرة لهم ونقمة على كفرهم، وقال ابن قتيبة سماها مفصلات لأن بين الآية والآية فصلا من الزمان، قيل كانت الآية تمكث من السبت إلى السبت ثم يبقون عقيب رفعها شهرا في عافية، وقيل ثمانية أيام ثم تأتي الآية الأخرى، وقال وهب: كان بن كل آيتين أربعون يوما، وقال نوف البكالي مكث موسى عليه السلام في آل فرعون بعد إيمان السحرة عشرين سنة يريهم الآيات وحكمة التفصيل بالزمان أنه يمتحن فيه أحوالهم أيفون بما عاهدوا أم ينكثون فتقوم عليهم الحجة وانتصب * (مفصلات فاستكبروا) * على الحال والذي دلت عليه الآية أنه أرسل عليهم ما ذكر فيها وأما كيفية الإرسال ومكث ما أرسل عليهم من الأزمان والهيئات فمرجعه إلى النقل عن الأخبار الإسرائيليات إذ لم ب (ثبت) من ذلك في الحديث النبوي شيء ومع إرسال جنس الآيات استكبروا عن الإيمان وعن قبول أمر الله تعالى، و * (كانوا قوما * مجرمين) * إخبار منه تعالى عنهم باجترامهم على الله وعلى عباده. * (ولما وقع عليهم الرجز قالوا ياموسى * موسى * ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسراءيل) * الظاهر أن الرجز هنا هو ما كان أرسل عليهم من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فإن كان أريد الظاهر كان سؤالهم موسى بعد وقوع جميعها لا بعد وقوع نوع منها ويحتمل أن يكون المعنى * (ولما وقع عليهم) * نوع من * (الرجز) * فيكون سؤالهم قد تخلل بين نوع ونوع ومعنى * (وقع عليهم) * نزل عليهم وثبت وقال قوم:
(٣٧٣)