تبرؤ من فرعون ومن ربوبيته وفي الشعراء لا ضير لأن هذه السورة اختصرت فيها القصة واتسعت في الشعراء ذكر فيها أحوال فرعون من أولها إلى آخرها فبدأ بقوله * (ألم نربك فينا وليدا) * وختم بقوله * (ثم أغرقنا الاخرين) * فوقع فيها زوائد لم تقع في هذه السورة ولا في طه قاله الكرماني.
* (وما تنقم منا إلا أن ءامنا بئايات ربنا لما جاءتنا) * قال الضحاك: وما تطعن علينا، وقال غيره: وما تكره منا، وقال الزمخشري: وما تعيب منا، وقال ابن عطية: وما تعد علينا ذنبا وتؤاخذنا به وعلى هذه التأويلات يكون قوله * (قل ياأهل الكتاب) * في موضع المفعول ويكون من الاستثناء المفرغ من المفعول وجاء هذا التركيب في القرآن كقوله * (قل ياأهل * أهل الكتاب * هل تنقمون منا) * * (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا) * وهذا الفعل في لسان العرب يتعدى بعلى تقول نقمت على الرجل أنقم إذا غلب عليه والذي يظهر من تعديته بمن أن المعنى وما تنقم منا أي ما تنال منا كقوله فينتقم الله منه أي يناله بمكروه ويكون فعل وافتعل فيه بمعنى واحد كقدر واقتدر وعلى هذا يكون قوله * (قل ياأهل الكتاب) * مفعولا من أجله واستثناء مفرغا أي ما تنال منا وتعذبنا لشيء من الأشياء إلا لأن آمنا بآيات ربنا وعلى هذا المعنى يدل تفسير عطاء، قال عطاء: أي ما لنا عندك ذنب تعذبنا عليه إلا أنا آمنا، والآيات المعجزات التي أتى بها موسى عليه السلام ومن جعل لما ظرفا جعل العامل فيها * (منا إلا) * ومن جعلها حرفا جعل جوابها محذوفا لدلالة ما قبله عليه أي لما جاءتنا آمنا وفي كلامهم هذا تكذيب لفرعون في ادعائه الربوبية وانسلاخ منهم عن اعتقادهم ذلك فيه والإيمان بالله هو أصل المفاخر والمناقب وهذا الاستثناء شبيه بقوله:
* ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب * وقرأ الحسن وأبو حيوة وأبو اليسر هاشم وابن أبي عبلة * (وما تنقم) * بفتح القاف مضارع نقم بكسرها وهما لغتان والأفصح قراءة الجمهور.
* (ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) * لما أوعدهم بالقطع والصلب سألوا الله تعالى أن يرزقهم الصبر على ما يحل بهم إن حل وليس في هذا السؤال ما يدل على وقوع هذا الموعد بهم خلافا لمن قال يدل على ذلك ولا في قوله وتوفنا مسلمين دليل على أنه لم يحل بهم الموعود خلافا لمن قال يدل على ذلك لأنهم سألوا الله أن يكون توفيهم من جهته لا بهذا القطع والقتل وتقدم الكلام على جملة * (ربنا أفرغ علينا صبرا) * سألوا الموت على الإسلام وهو الانقياد إلى دين الله وما أمر به.
* (وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الارض ويذرك وءالهتك) *. قال ابن عباس: لما آمنت السحرة اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل، قال مقاتل: ومكث موسى بمصر بعد إيمان السحرة عاما أو نحوه يريهم الآيات وتضمن قول * (الملا) * إغراء فرعون بموسى وقومه وتحريضه على قتلهم وتعذيبهم حتى لا يكون لهم خروج عن دين فرعون ويعني بقومه من اتبعه من بني إسرائيل فيكون الاستفهام على هذا استفهام إنكار وتعجب، وقيل: هو استخبار والغرض به أن يعلموا ما في قلب فرعون من موسى ومن آمن به، قال مقاتل: والإفساد هو خوف أن يقتلوا أبناء القبط ويستحيوا نساءهم على سبيل المقاصة منهم كما فعلوا هي ببني إسرائيل، وقيل الإفساد دعاؤهم الناس إلى مخالفة فرعون وترك عبادته.
وقرأ الجمهور * (ويذرك) * بالياء وفتح الراء عطفا على * (ليفسدوا) * أي للإفساد ولتركك وترك آلهتك وكان الترك هو لذلك