تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٤
داخل في الصلاة والتعلق بأخرج هو قول الأخفش، ويصح أن يتعلق بقوله * (والطيبات) * ويصح أن يتعلق بقوله * (من الرزق) * انتهى. وتقادير أبي علي والأخفش فيها تفكيك للكلام وسلوك به غير ما تقتضيه الفصاحة، وهي تقادير أعجمية بعيدة عن البلاغة لا تناسب في كتاب الله بل لو قدرت في شعر الشنفري ما ناسب والنحاة الصرف غير الأدباء بمعزل عن إدراك الفصاحة وأما تشبيه ذلك بقوله * (والذين كسبوا) * فليس ما قاله بمتعين فيه بل ولا ظاهر بل قوله * (جزاء سيئة بمثلها) * هو خبر عن النهي أي جزاء سيئة منهم بمثلها وحذف منهم لدلالة المعنى عليه كما حذف من قولهم السمن منوان درهم أي منوان منه وقوله * (وترهقهم ذلة) * معطوف على * (جزاء سيئة بمثلها) * وسيأتي توضيح هذا بأكثر في موضعه إن شاء الله تعالى. * (كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) * أي مثل تفصيلنا وتقسيمنا السابق * (* نقسم) * في المستقبل * (سماعون لقوم) * لهم علم وإدراك لأنه لا ينتفع بذلك إلا من علم لقوله: * (وما يعقلها إلا العالمون) *.
* (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم) * قال الكلبي لما لبس المسلمون الثياب وطافوا بالبيت عيرهم المشركون بذلك وقالوا استحلوا الحرم فنزلت، وتقدم تفسير * (الفواحش ما ظهر منها وما بطن) * في أواخر الأنعام وزيد هنا أقوال، أحدها: * (ما ظهر منها) * طواف الرجل بالنهار عريانا * (وما بطن) * طوافها بالليل عارية قاله التبريزي، وقال مجاهد: * (ما ظهر) * طواف الجاهلية عراة * (وما بطن) * الزنا، وقيل: * (ما ظهر) * الظلم * (وما بطن) * السرقة، وقال ابن عباس ومجاهد في رواية: * (ما ظهر) * ما كانت تفعله الجاهلية من نكاح الأباء نساء الآباء والجمع بين الأختين وأن ينكح المرأة على عمتها وخالتها * (وما بطن) * الزنا * (والإثم) * عام يشمل الأقوال والأفعال التي يترتب عليها الإثم، هذا قول الجمهور، وقيل هو صغار الذنوب، وقيل: الخمر، وهذا قول لا يصح هنا لأن السورة مكية ولم تحرم الخمر إلا بالمدينة بعد أحد وجماعة من الصحابة اصطبحوها يوم أحد وماتوا شهداء وهي في أجوافهم وأما تسمية الخمر إثما فقيل هو من قول الشاعر:
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»