تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٤
الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون * هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى بعض ءايات ربك يوم يأتى بعض ءايات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت فىإيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون * إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنمآ أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون * من جآء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جآء بالسيئة فلا يجزىإلا مثلها وهم لا يظلمون * قل إننى هدانى ربىإلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين * لا شريك له وبذالك أمرت وأنا أول المسلمين * قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شىء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون * وهو الذى جعلكم خلائف الا رض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فى مآ آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم) *)) ) * وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) * قرأ الأخوان * (*) * قرأ الأخوان * (وأن هاذا) * بكسر الهمزة وتشديد النون على الاستئناف، * (فاتبعوه) * جملة معطوفة على الجملة المستأنفة. وقرأ الباقون بفتحها وخفف ابن عامر النون وشددها الباقون. وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق * (وأن) * كقراءة ابن عمر، فأما تخفيف النون فعلى أنه خذف اسم أن وهو ضمير الشأن وخرجت قراءة فتح الهمزة على وجوه: أحدها: أن يكون تعليلا حذف منها اللام تقديره ولأن هذا * (صراطي مستقيما فاتبعوه) * كقوله: * (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) * وقد صرح باللام في قوله * (لإيلاف قريش * إيلافهم) * * (فليعبدوا) *. قال الفارسي: قياس قول سيبويه في فتح الهمزة أن تكون الفاء زائدة بمنزلتها في زيد فقام. الوجه الثاني: أن تكون معطوفة على * (أن لا * تشركوا) * أي أتل عليكم نفي الإشراك والتوحيد وأتل عليكم أن هذا صراطي وهذا على تقدير أن * (ءان) * في * (أن لا * تشركوا) * مصدرية قاله الحوفي هكذا قرروا هذا الوجه فجعلوه معطوفا على البدل مما حرم وهو أن لا تشركوا. وقال أبو البقاء: أنه معطوف على المبدل منه أي أتل الذي حرم وأتل أن هذا * (صراطي مستقيما) * وهو تخريج سائغ في الكلام، وعلى هذا فالصراط مضاف للمتكلم وهو الرسول صلى الله عليه وسلم) وصراطه هو صراط الله. الوجه الثالث: أن يكون في موضع جر عطفا على الضمير في به قاله الفراء، أي وصاكم به وبأن حذفت الباء لطول أن بالصلة. قال الحوفي: وهي مرادة ولا يكون في هذا عطف مظهر على مضمر لإرادتها. وقال أبو البقاء: هذا فاسد لوجهين. أحدهما: عطف المظهر على المضمر من غير إعادة الجار والثاني أنه يصير المعنى وصاكم باستقامة الصراط. وقرأ الأعمش: و * (هاذا صراطي) * وكذا في مصحف عبد الله ولما فصل في الآيتين قبل أجمل في هذه إجمالا يدخل فيه جميع ما تقدم وجميع شريعته، والإشارة بهذا إلى الإسلام أو القرآن أو ما ورد في هذه السورة لأنها كلها في التوحيد وأدلة النبوة وإثبات الدين وإلى هذه الآيات التي أعقبتها هذه الآية لأنها المحكمات التي لم تنسخ في ملة من الملل أقوال أربعة. * (فاتبعوه) * أمر باتباعه كله والمعنى: فاعملوا بمقتضاه من تحريم وتحليل وأمر ونهي وإباحة.
* (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * قال ابن عباس: هي الضلالات، قال مجاهد: البدع والأهواء والشبهات. وقال مقاتل: ما حرموا على أنفسهم من الأنعام والحرث. وقيل: سبل الكفر كاليهودية والنصرانية والمجوسية وما يجزي مجراهم في الكفر والشرك وفي مسند الدارمي عن ابن مسعود قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) يوما خطأ ثم قال: (هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه ويساره ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها). ثم قرأ هذه الآية وعن جابر نحو منه في سنن ابن ماجة وانتصب فتفرق لأجل النهي جوابا له أي فتفرق فحذف التاء. وقرئ * (فتفرق) * بتشديد التاء.
* (ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون) * كرر التوصية على سبيل التوكيد ولما كان الصراط المستقيم هو الجامع للتكاليف وأمر تعالى باتباعه ونهى عن بنيات الطرق ختم ذلك بالتقوى التي هي اتقاد
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»