النار، إذ من اتبع صراطه نجاه النجاة الأبدية وحصل على السعادة السرمدية. قال ابن عطية: ومن حيث كانت المحرمات الأول لا يقع فيها عاقل قد نظر بعقله جاءت العبادة * (لعلكم تعقلون) * والمحرمات الأخر شهوات وقد يقع فيها من العقلاء من لم يتذكر وركوب الجادة الكاملة تتضمن فعل الفضائل وتلك درجة التقوى.
* (ثم ءاتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا لكل شىء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون) * * (ثم) * تقتضي المهلة في الزمان هذا أصل وضعها ثم تأتي للمهلة في الإخبار. فقال الزجاج: هو معطوف على أتل تقديره أتل ما حرم ثم أتل * (ءاتينا) *. وقيل: معطوف على * (قل) * على إضمار قل أي ثم قال * (ءاتينا) *. وقيل: التقدير ثم إني أخبركم إنا آتينا. وقال الحوفي: رتبتم التلاوة أي تلونا عليكم قصة محمد ثم نتلو عليكم قصة موسى. وقال ابن عطية: مهلتها في ترتيب القول الذي أمر به محمد صلى الله عليه وسلم) كأنه قال: ثم مما وصينا * (أنا * موسى الكتاب تماما) * ويدعو إلى ذلك أن موسى عليه السلام متقدم بالزمان على محمد صلى الله عليه وسلم). وقال ابن القشيري: في الكلام محذوف تقديره ثم كنا قد * (موسى الكتاب تماما) * قبل إنزالنا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم). وقال الزمخشري عطف على * (وصاكم به) * (فإن قلت): كيف صح عطفه عليه بثم والإيتاء قبل التوصية بدهر طويل؟ (قلت): هذه التوصية قديمة لم تزل تواصاها كل أمة على لسان نبيها كما قال ابن عباس: محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب فكأنه قيل: * (ذالكم وصاكم به) * يا بني آدم قديما وحديثا ثم أعظم من ذلك * (أنا * موسى الكتاب تماما) * وأنزلنا هذا الكتاب المبارك؟ وقيل: هو معطوف على ما تقدم قبل شطر السورة من قوله: * (وهبنا له إسحاق ويعقوب) *؛ انتهى. وهذه الأقوال كلها متكلفة والذي ينبغي أن يذهب إليه أنها استعملت للعطف كالواو من غير اعتبار مهلة، وقد ذهب إلى ذلك بعض النحاة و * (الكتاب) * هنا التوراة بلا خلاف وانتصب تماما على المفعول له أو على المصدر أتممناه تماما مصدر على حذف الزوائد أو على الحال إما من الفاعل والمفعول وكل قد قيل. وقيل: معنى * (بما * مر) * أي دفعة واحدة لم نفرق إنزاله كما فرقنا إنزال القرآن قاله أبو سليمان الدمشقي. والذي أحسن جنس أي على من كان محسنا من أهل ملته قاله مجاهد أي إتماما للنعمة عندهم. وقيل: المراد بالذي أحسن مخصوص. فقال الماوردي: إبراهيم كانت نبوة موسى نعمة على إبراهيم لأنه من ولده والإحسان للأبناء إحسان للآباء. وقيل: موسى عليه السلام تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ وفي كل ما أمر به، والذي في هذه التأويلات واقعة على من يعقل. وقال ابن الأنباري: * (تماما على الذى أحسن) * موسى من العلم وكتب الله القديمة ونحو منه قول ابن قتيبة، قال: معنى الآية * (تماما) * على ما كان أحسن من العلم والحكمة من العلم والحكمة من قولهم: فلان يحسن كذا أي يعلمه. وقال الزمخشري في هذا التأويل: * (تماما على الذى أحسن) * موسى من العلم والشرائع من أحسن الشيء إذا أجاد معرفته أي زيادة على علمه على وجه التتميم؛ انتهى. وقال ابن عطية: على ما أحسن هو من عبادة ربه والاضطلاع بأمور نبوته يريد موسى عليه السلام هذا تأويل الربيع وقتادة؛ انتهى. والذي في هذا التأويل واقعة على غير العاقل. وقيل: * (الذى) * وهو قول كوفي وفي * (هم أحسن) * ضمير موسى أي تماما على إحسان موسى بطاعتنا وقيامه بأمرنا ونهينا، ويكون في علي إشعار بالعلية كما تقول: أحسنت إليك على إحسانك إلي. وقيل: الضمير في * (أحسن) * يعود على الله تعالى وهذا قول ابن زيد، ومتعلق الإحسان إلى أنبيائه أو إلى موسى قولان: وأحسن ما في هذه الأقوال كلها فعل. وقال بعض نحاة الكوفة: يصح أن يكون * (أحسن) * اسما وهو أفعل التفضيل وهو مجرور صفة للذي وإن كان نكرة من حيث