قارب المعرفة إذ لا يدخله أل كما تقول العرب: مررت بالذي خير منك، ولا يجوز مررت بالذي عالم؛ انتهى. وهذا سائغ على مذهب الكوفيين في الكلام وهو خطأ عند البصريين. وقرأ يحيى بن معمرو ابن أبي إسحاق * (أحسن) * برفع النون وخرج على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أحسن و * (أحسن) * خبر صلة كقراءة من قرأ مثلا ما بعوضة أي تماما على الذي هو أحسن دين وأرضاه أو تاما كاملا على أحسن ما تكون عليه الكتب، أي على الوجه والطريق الذي هو أحسن ما تكون عليه الكتب، أي على الوجه والطريق الذي هو أحسن وهو معنى قول الكلبي: أتم له الكتاب على أحسنه. وقال التبريزي: * (الذى) * هنا بمعنى الجمع وأحسن صلة فعل ماض حذف منه الضمير وهو الواو فبقي أحسن أي على الذين أحسنوا، وحذف هذا الضمير والاجتزاء بالضمة تفعله العرب. قال الشاعر:
فلو أن الأطباء كان حولي وقال آخر:
* إذا شاؤوا أضروا من أرادوا * ولا يألوهم أحد ضرارا * وقال آخر:
شبوا على المجد شابوا واكتهل يريدوا كتهلوا فحذف الواو ثم حذف الضمير للوقف؛ انتهى. وهذا خصه أصحابنا بالضرورة فلا يحمل كتاب الله عليه * (وتفصيلا لكل شىء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون) * أي لعلهم بالبعث يؤمنون، فالإيمان به هو نهاية التصديق إذ لا يجب بالعقل لكنه يجوز في العقل وأوجبه السمع وانتصاب * (تفصيلا) * وما بعده كانتصاب * (تماما) *.
* (وهاذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) * هذا إشارة إلى القرآن و * (أنزلناه) * و * (مبارك) * صفتان لكتاب أو خبران عن هذا على مذهب من يجيز تعداد الأخبار، وإن لم يكن في معنى خبر واحد وكان الوصف بالإنزال آكد من الوصف بالبركة فقدم لأن الكلام مع من ينكر رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم)، وينكر إنزال الكتب الإلهية وكونه مباركا عليهم هو وصف حاصل لهم منه متراخ عن الإنزال فلذلك تأخر الوصف بالبركة، وتقدم الوصف بالإنزال وكان الوصف بالفعل المسند إلى نون العظمة أولى من الوصف بالاسم لما يدل الإسناد إلى الله تعالى من التعظيم والتشريف، وليس ذلك في الاسم لو كان التركيب منزل أو منزل منا وبركة القرآن بما يترتب عليه من النفع والنماء بجمع كلمة العرب به والمواعظ والحكم والإعلام بأخبار الأمم السالفة والأجور التالية والشفاء من الأدواء. والشفاعة لقارئه وعده من أهل الله وكونه مع المكرمين من الملائكة وغير ذلك من البركات التي لا تحصى، ثم أمر الله تعالى باتباعه وهو العمل بما فيه والانتهاء إلى ما تضمنه والرجوع إليه عند المشكلات، والظاهر في قوله: * (واتقوا) * أنه أمر بالتقوى العامة في جميع الأشياء. وقيل: * (واتقوا) * مخالفته لرجاء الرحمة وقال التبريزي اتقوا غيره فإنه منسوخ وقال التبريزي في كلام إشارة وهو وصف الله التوراة بالتمام والتمام يؤذن بالانصرام. قال الشاعر:
* إذا تم أمر بدا نقصه * توقع زوالا إذا قيل تم *