الرسول صلى الله عليه وسلم) فلما أملى عليه * (ثم خلقنا النطفة علقة) * عجب من تفصيل خلق الإنسان فقال: فتبارك الله أحسن الخالقين فقال الرسول: (اكتبها فهكذا أنزلت) فتوهم عبد الله ولحق بمكة مرتدا وقال: أنا أنزل مثل ما أنزل الله، وقال عكرمة: أولها في مسيلمة وآخرها في ابن أبي سرح وروي عنه أنه كان إذا أملي عليه * (سميعا عليما) * كتب هو عليما حكيما وإذا قال: عليما حكيما كتب هو غفورا رحيما، وقال شرحبيل بن سعد: نزلت في ابن أبي سرح ومن قال: سأنزل مثل ما أنزل الله ارتد ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم) مكة عام الفتح فغيبه عثمان وكان أخاه من الرضاعة حتى اطمأن أهل مكة ثم أتى به الرسول فاستأمن له الرسول فمنه. انتهى، وقد ولاه عثمان بن عفان في أيامه وفتحت على يديه الأمصار ففتح أفريقية سنة إحدى وثلاثين وغزا الأساود من أرض النوبة وهو الذي هادنهم الهدنة الباقية إلى اليوم وغزا الصواري من أرض الروم وكان قد حسن إسلامه ولم يظهر عليه شيء ينكر عليه وهو أحد النجباء العقلاء الكرماء من قريش وفارس بني عامر بن لؤي وأقام بعسقلان، قيل: أو الرملة فارا من الفتنة حين قتل عثمان ومات بها سنة ست، قيل: أو سبع وثلاثين ودعا ربه فقال: اللهم اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فقبض آخر الصبح وقد سلم عن يمينه وذهب يسلم عن يساره وذلك قبل أن يجتمع الناس على معاوية.
ولما ذكر القرآن وأنه كتاب منزل من عنده مبارك أعقبه بوعيد من ادعى النبوة والرسالة على سبيل الافتراء، وتقدم الكلام على * (ومن أظلم) * وفسروه بأنه استفهام معناه النفي أي لا أحد أظلم وبدأ أولا بالعام وهو افتراء الكذب على الله وهو أعم من أن يكون ذلك الافتراء بادعاء وحي أو غيره ثم ثانيا بالخاص وهو افتراء منسوب إلى وحي من الله تعالى * (ولم يوح إليه شىء) * جملة حالية أو غير موحى إليه لأن من قال أوحي إلي وهو موحى إليه هو صادق ثم ثانيا بأخص مما قبله، لأن الوحي قد يكون بإنزال قرآن وبغيره وقصة ابن أبي سرح هي دعواه أنه سينزل قرآنا مثل ما أنزل الله وقوله: * (مثل ما أنزل الله) * لبس معتقده أن الله أنزل شيئا وإنما المعنى * (مثل ما أنزل الله) * على زعمكم وإعادة من تدل على تغاير مدلوله لمدلول من المتقدمة فالذي قال * (سأنزل) * غير من افترى أو قال: أوحى وإن كان ينطلق عليه ما قبله انظلاق العام على الخاص وقوله: * (سأنزل) * وعد كاذب وتسميته إنزالا مجاز وإنما المعنى سأنظم كلاما يماثل ما ادعيتم إن الله أنزله، وقرأ أبو حيوة ما نزل بالتشديد وهذه الآية وإن كان سبب نزولها في مخصوصين فهي شاملة لكل من ادعى مثل دعواهم كطليحة الأسدي والمختار بن أبي عبيد الثقفي وسجاح وغيرهم، وقد ادعى النبوة عالم كثيرون كان ممن عاصرناه إبراهيم الغازازي الفقير ادعى ذلك بمدينة مالقة وقتله السلطان أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي ملك الأندلس بغرناطة وصلبة، وبارقطاش بن قسيم النيلي الشاعر تنبأ بمدينة النيل من أرض العراق وله قرآن صنعه ولم يقتل، لأنه كان يضحك منه ويضعف في عقله.
* (ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت) * الظالمون عام اندرج فيه اليهود والمتنبئة وغيرهم. وقيل: أل للعهد أي من اليهود ومن تنبأ وهم الذين تقدم ذكرهم.
* (والملئكة باسطوا أيديهم) * قال ابن عباس: بالضرب أي ملائكة قبض الروح يضربون وجوههم وأدبارهم عند قبضه وقاله الفراء وليس المراد مجرد بسط اليد لاشتراك المؤمنين والكافرين في ذلك وهذا أوائل العذاب وأمارته، وقال ابن عباس أيضا يوم القيامة، وقال الحسن والضحاك: بالعذاب، وقال الحسن أيضا: هذا يكون في النار.