تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٣
من هداه اهتدى.
* (وأمرنا لنسلم لرب العالمين) * الظاهر أن اللام لام كي ومفعول * (أمرنا) * الثاني محذوف وقدروه * (وأمرنا) * بالإخلاص لكي ننقاد ونستسلم * (لرب العالمين) * والجملة داخلة في المقول معطوفة على * (إن هدى الله هو * الهدى) *. وقال الزمخشري: هو تعليل للأمر فمعنى * (أمرنا) * قيل لنا: اسلموا لأجل أن نسلم. وقال ابن عطية: ومذهب سيبويه أن * (لنسلم) * في موضع المفعول وإن قولك: أمرت لأقوم وأمرت أن أقوم يجريان سواء ومثله قول الشاعر:
* أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل * إلى غير ذلك من الأمثلة؛ انتهى. فعلى ظاهر كلامه تكون اللام زائدة ويكون أن نسلم هو متعلق * (أمرنا) * على جهة أنه مفعول ثان بعد إسقاط حرف الجر. وقيل: اللام بمعنى الباء كأنه قيل * (وأمرنا) * بأن نسلم ومجئ اللام بمعنى الباء قول غريب، وما ذكره ابن عطية عن سيبويه ليس كما ذكر بل ذلك مذهب الكسائي والفراء زعما أن لام كي تقع في موضع أن في أردت وأمرت، قال تعالى: * (يريد الله ليبين لكم) * * (يريدون ليطفئوا) * أي أن يطفئوا * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) * أريد لأنسى ذكرها ورد ذلك عليهما أبو إسحاق، وذهب سيبويه وأصحابه إلى أن اللام هنا تتعلق بمحذوف وأن الفعل قبلها يراد به المصدر والمعنى الإرادة للبيان والأمر للإسلام فهما مبتدأ وخبر فتحصل في هذه اللام أقوال: أحدها إنها زائدة، والثاني أنها بمعنى كي للتعليل إما لنفس الفعل وإما لنفس المصدر المسبوك من الفعل، والثالث أنها لام كي أجريت مجرى أن، والرابع أنها بمعنى الباء وقد تكلمنا على هذه المسألة في كتاب التكميل وجاء لرب العالمين تنبيها على أنه مالك العالم كله معبودهم من الأصنام وغيرها.
* (وأن أقيموا الصلواة واتقوه) * أن هنا مصدرية واختلف في ما عطف عليه، قال الزجاج هو معطوف على قوله: لنسلم تقديره لأن نسلم و * (أن أقيموا) *. قال ابن عطية: واللفظ يمانعه لأن * (* نسلم) * معرب و * (أن أقيموا) * مبني وعطف المبني على المعرب لا يجوز لأن العطف يقتضي التشريك في العامل انتهى، وما ذكره من أنه لا يعطف المبني على المعرب وأن ذلك لا يجوز ليس كما ذكر، بل ذلك جائز نحو قام زيد وهذا، وقال تعالى: * (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) * غاية ما في هذا أن العامل إذا وجد المعرب أثر فيه وإذا وجد المبني لم يؤثر فيه ويجوز إن قام زيد ويقصدني أحسن إليه، بجزم يقصدني فإن لم تؤثر في قام لأنه مبني وأثرت في يقصدني لأنه معرب، ثم قال ابن عطية: اللهم إلا أن يجعل العطف في إن وحدها وذلك قلق وإنما يتخرج على أن يقدر قوله: * (أن أقيموا) * بمعنى وليقم ثم خرجت بلفظ الأمر لما في ذلك
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»