وهو جمع منقاس لفاعل وصفا مذكرا صحيح اللام عاقلا وقل فيما لا يعقل. قال الزمخشري: أي ملائكة حافظين لأعمالكم وهم الكرام الكاتبون؛ انتهى. وقال ابن عطية: المراد بذلك الملائكة الموكلون بكتب الأعمال؛ انتهى. وما قالاه هو قول ابن عباس وظاهر الجمع أنه مقابل الجمع ولم تتعرض الآية لعدد ما على كل واحد ولا لما يحفظون عليه. وعن ابن عباس: ملكان مع كل إنسان أحدهما عن يمينه للحسنات، والآخر عن شماله للسيئات وإذا عمل سيئة قال: من على اليمين انتظره لعله يتوب منها فإن لم يتب كتبت عليه. وقيل: ملكان بالليل وملكان بالنهار أحدهما يكتب الخير والآخر يكتب الشر، فإذا مشى كان أحدهما بين يديه والآخر وراءه وإذا جلس فأحدهما عن يمينه والآخر عن شماله. وقيل: خمسة من الملائكة اثنان بالليل واثنان بالنهار، وواحد لا يفارقه ليلا ولا نهارا والمكتوب الحسنة والسيئة. وقيل: الطاعات والمعاصي والمباحات. وقيل: لا يطلعون إلا على القول والفعل لقوله: * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) * ولقوله: * (يعلمون ما تفعلون) * وأما أعمال القلوب فعلمه لله تعالى. وقيل: يطلعون عليها على الإجمال لا على التفصيل فإذا عقد سيئة خرجت من فيه ريح خبيثة أو حسنة خرجت ريح طيبة.
وقال الزمخشري (فإن قلت): الله غني بعلمه عن كتب الكتبة فما فائدتها؟ (قلت): فيها لطف للعباد لأنهم إذا علموا إن الله رقيب عليهم، والملائكة الذين هم أشرف خلقه موكلون بهم يحفظون عليهم أعمالهم ويكتبونها في صحائف تعرض على رؤوس الأشهاد في مواقف القيامة، كان ذلك أزجر لهم عن القبيح وأبعد من السوء؛ انتهى. وقوله: * (والملئكة * الذين هم * تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين * وهو الذى يتوفاكم باليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون * وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) * إن ذلك الحفظ بالكتابة كما فسروا بل قد قيل: هم الملائكة الذي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم): (تتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) قاله قتادة والسدي. وقيل: يحفظون الإنسان من كل شيء حتى يأتي أجله.
* (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) * أي أسباب الموت * (توفته) * قبضت روحه * (رسلنا) * جاء جمعا. فقيل: عنى به ملك الموت عليه السلام وأطلق عليه الجمع تعظيما. وقيل: ملك الموت وأعوانه والأكثرون على أن رسلنا عين الحفظة يحفظونهم مدة الحياة، وعند مجيء أسباب الموت يتوفونهم ولا تعارض بين قوله: * (الله يتوفى الانفس حين موتها) * وبين قوله: * (قل يتوفاكم ملك الموت) * وبين قوله: * (توفته رسلنا) * لأن نسبة ذلك إلى الله تعالى بالحقيقة ولغيره بالمباشرة، ولملك الموت لأنه هو الآمر لأعوانه وله ولهم بكونهم هم المتولون قبض الأرواح. وعن مجاهد جعلت الأرض له كالطست يتناول منه من يتناوله وما من أهل بيت إلا ويطوف عليهم في كل يوم مرتين. وقرأ حمزة: توفاه بألف ممالة وظاهره أنه فعل ماض كتوفته إلا أنه ذكر على معنى الجمع، ومن قرأ توفته أنث على معنى الجماعة ويحتمل أن يكون مضارعا وأصله تتوفاه فحذفت إحدى التاءين على الخلاف في تعيين المحذوفة. وقرأ الأعمش يتوفاه بزيادة ياء المضارعة على التذكير