والأرزاق. وقال عطاء: ما غاب من الثواب والعقاب وما تصير إليه الأمور. وقال الزجاج: الوصلة إلى علم الغيب إذا استعلم. وقيل: عواقب الأعمار وخواتيم الأعمال. وقيل: ما لم يكن هل يكون أم لا يكون؟ وما يكون كيف يكون وما لا يكون إن كان كيف يكون؟ و * (لا يعلمها إلا هو) * حصر أنه لا يعلم تلك المفاتح ولا يطلع عليها غيره تعالى، ولقد يظهر من هؤلاء المنتسبة إلى الصوف أشياء من ادعاء علم المغيبات والاطلاع على علم عواقب أتباعهم وأنهم معهم في الجنة مقطوع لهم ولأتباعهم بها يخبرون بذلك على رؤوس المنابر ولا ينكر ذلك أحد هذا مع خلوهم عن العلوم يوهمون أنهم يعلمون الغيب. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ومن زعم أن محمدا يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله تعالى يقول: * (قل لا يعلم من فى * السماوات والارض * الغيب إلا الله) * وقد كثرت هذه الدعاوي والخرافات في ديار مصر وقام بها ناس صبيان العقول يسمون بالشيوخ عجزوا عن مدارك العقل والنقل وأعياهم طلاب العلوم:
* فارتموا يدعون أمرا عظيما * لم يكن للخليل لا والكليم * * بينما المرء منهم في انسفال * أبصر اللوح ما به من رقوم * * فجنى العلم منه غضا طريا * ودرى ما يكون قبل الهجوم * * إن عقلي لفي عقال إذا ما * أنا صدقت بافتراء عظيم * * (ويعلم ما فى البر والبحر) * لما كان ذكره تعالى * (مفاتح الغيب) * أمرا معقولا أخبر تعالى باستئثاره بعلمه واختصاصه به ذكر تعلق علمه بهذا المحسوس على سبيل العموم ثم ذكر علمه بالورقة والحبة والرطب واليابس على سبيل الخصوص، فتحصل إخباره تعالى بأنه عالم بالكليات والجزئيات مستأثر بعلمه وما نعلمه نحن وقدم البر لكثرة مشاهدتنا لما اشتمل عليه من المدن والقرى والمفاوز والجبال والحيوان والنبات والمعادن أو على سبيل الترقي إلى ما هو أعجب في الجملة، لأن ما فيه من أجناس الحيوانات أعجب وطوله وعرضه أعظم والبر مقابل البحر. وقيل: * (البر) * القفار * (والبحر) * المعروف فالمعنى ويعلم ما في البر من نبات ودواب وأحجار وأمدار وغير ذلك، وما في البحر من حيوان وجواهر وغير ذلك. وقال مجاهد: * (البر) * الأرض القفار التي لا يكون فيها الماء * (والبحر) * كل قرية وموضع فيه الماء. وقيل: لم يرد ظاهر البر والبحر وإنما أراد أن علمه تعالى محيط بنا وبما أعد لمصالحنا من منافعهما وخصا بالذكر لأنهما أعظم مخلوق يجاوزنا.
* (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها) * * (من) * زائدة لاستغراق جنس الورقة و * (يعلمها) * مطلقا قبل السقوط ومعه وبعده. قال الزجاج: * (يعلمها) * ساقطة وثابتة كما تقول: ما يجيئك أحد إلا وأنا أعرفه ليس تأويله في حال مجيئه فقط. وقيل: يعلم متى تسقط وأين تسقط وكم تدور في الهواء. وقيل: يعلمها كيف انقلبت ظهرا لبطن إلى أن وقعت على الأرض، * (يعلمها) * في موضع الحال من * (ورقة) * وهي حال من النكرة. كما تقول: ما جاء أحد إلا راكبا.
* (ولا حبة فى ظلمات الارض) * قيل: تحت الأرض السابعة. وقيل: تحت التراب. وقيل: الحب الذي يزرع يخفيها الزراع تحت الأرض. وقيل: تحت الصخرة في أسفل الأرضين. وقيل: ولا حبة إلا يعلم متى تنبت؟ ومن يأكلها؟، وانظر إلى حسن ترتيب هذه