الآخرة، لكن من كانت نيته مقصورة على طلب الآخرة قد يؤتى نصيبا من الدنيا.
وللمفسرين فيها أقوال: نؤته نصيبا من الغنيمة لجهاده الكفار، أو لم نحرمه ما قسمناه له إذ من طلب الدنيا بعمل الآخرة نؤته منها، وما له في الآخرة من نصيب. أو هي خاصة في أصحاب أحد أو من أراد ثواب الدنيا بالتعرض لها بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي عليها في الدنيا والآخرة.
* (وسنجزى الشاكرين) * وعد لمن شكر نعم الله فقصر همه ونيته على طلب ثواب الآخرة. قال ابن فورك: وفيه إشارة إلى أنهم ينعمهم الله بنعيم الدنيا، ولا يقصرهم على نعيم الآخرة. وأظهر الحرميان، وعاصم، وابن عامر في بعض طرق من رواية هشام، وابن ذكوان دال يرد عند ثواب، وأدغم في الوصل. وقرأ قالون والحلواني عن هشام من طريق: باختلاس الحركة، وقرأ الباقون بالإشباع. وأما في الوقف فبالسكون للجميع. ووجه الإسكان أن الهاء لما وقعت موقع المحذوف الذي كان حقه لو لم يكن حرف علة أن يسكن، فأعطيت الهاء ما تستحقه من السكون. ووجه الاختلاس بأنه استصحب ما كان للهاء قبل أن تحذف الياء، لأنه قبل الحذف كان أصله يؤتيه والحذف عارض فلا يعتد به. ووجه الإشباع بأنه جاز نظر إلى اللفظ وإن كانت الهاء متصلة بحركة والأولى ترك هذه التوجيهات. فإن اختلاس الضمة والكسرة بعد متحرك لغة حكاها الكسائي عن بني عقيل وبني كلاب. قال الكسائي: سمعت أعراب كلاب وعقيل يقولون: * (إن الإنسان لربه لكنود) * ولربه لكنود بغير تمام وله مال، وله مال. وغير بني كلاب وبني عقيل لا يوجد في كلامهم اختلاس، ولا سكون في له وشبهه إلا في ضرورة نحو قول الشاعر:
* له رجل كأنه صوت حاد * إذا طلب الوسيقة أو زمير * وقول الآخر:
* واشرب الماء ما بي نحوه عطش * إلا لأن عيونه سيل واديها * * (وكأين من نبى * قتل * معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا) * لما كان من المؤمنين ما كان يوم أحد وعتب عليهم الله ما حذر منهم في الآيات التي تقدمت، أخبرهم بأن الأمم السالفة قتلت أنبياء لهم كثيرون أو قتل ربيون كثير معهم، فلم يلحقهم ما لحقكم من الوهن والضعف، ولا ثناهم عن القتال فجعهم بقتل أنبيائهم، أو قتل ربيبهم، بل مضوا قدما في نصرة دينهم صابرين على ما حل بهم. وقتل نبي أو أتباعه من أعظم المصاب، فكذلك كان ينبغي لكم التأسي بمن مضى من صالحي الأمم السابقة، هذا وأنتم خير الأمم، ونبيكم خير الأنبياء. وفي هذه الجملة من العتب لمن فر عن النبي صلى الله عليه وسلم).
وقرأ الجمهور وكأين قالوا: وهي أصل الكلمة، إذ هي أي دخل عليها كاف التشبيه، وكتبت بنون في المصحف، ووقف عليها أبو عمرو. وسورة بن المبارك عن الكسائي بياء دون نون، ووقف الجمهور على النون اتباعا للرسم. واعتل لذلك أبو علي الفارسي بما يوقف عليه في كلامه وذلك على عادة المعللين، ومما جاء على هذه اللغة قول الشاعر:
* وكائن في المعاسر من أناس * أخوهم فوقهم وهم كرام * وقرأ ابن كثير: وكائن وهي أكثر استعمالا في لسان العرب وأشعارها. قال:.
وكائن رددنا عنكم من مدجج