تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٩
وأغريت الكلب بالصيد أشليته. وقال النضر: أغرى بينهم هيج. وقال مورج: حرش بعضهم على بعض. وقال الزجاج: ألصق بهم. الصنع: العمل. الفترة: هي الانقطاع، فتر الوحي أي انقطع. والفترة السكون بعد الحركة في الإجرام، ويستعار للمعاني. قال الشاعر:
وإني لتعروني لذكراك فترة والهاء فيه ليست للمرة الواحدة، بل فترة مرادف للفتور. ويقال: طرف فاتر إذا كان ساجيا. الجبار: فعال من الجبر، كأنه لقوته وبطشه يجبر الناس على ما يختارونه. والجبارة النخلة العالية التي لا تتال بيد، واسم الجنس جبار. قال الشاعر:
* سوابق جبار أثيث فروعه * وعالين قنوانا من البسر أحمرا * التيه في اللغة: الحيرة، يقال منه: تاه، يتيه، ويتوه، وتوهته، والتاء أكثر، والأرض التوهاء التي لا يهتدى فيها، وأرض تيه. وقال ابن عطية: التيه الذهاب في الأرض إلى غير مقصود. الأسى: الحزن، يقال منه: أسى يأسى. * (ولقد أخذ الله ميثاق بنى إسراءيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا) * مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه أمر بذكر الميثاق الذي أخذه الله على المؤمنين في قوله: * (وميثاقه الذى واثقكم به) * ثم ذكر وعده إياهم، ثم أمرهم بذكر نعمته عليه إذ كف أيدي الكفار عنهم، ذكرهم بقصة بني إسرائيل في أخذ الميثاق عليهم، ووعده لهم بتكفير السيئات، وإدخالهم الجنة، فنقضوا الميثاق وهموا بقتل الرسول، وحذرهم بهذه القصة أن يسلكوا سبيل بني إسرائيل هو بالإيمان والتوحيد. وبعث النقباء قيل: هم الملوك بعثوا فيهم يقيمون العدل، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر. والنقيب: كبير القوم القائم بأمورهم. والمعنى في الآية: أنه عدد عليهم نعمه في أن بعث لأعدائهم هذا العدد من الملوك قاله النقاش. وقال: ما وفى منهم إلا خمسة: داود. وسليمان ابنه، وطالوت، وحزقيل، وابنه وكفر السبعة وبدلوا وقتلوا الأنبياء، وخرج خلال الاثني عشر اثنان وثلاثون جبارا كلهم يأخذ الملك بالسيف، ويعبث فيهم، والبعث: من بعث الجيوش. وقيل: هو من بعث الرسل وهو إرسالهم والنقباء الرسل جعلهم الله رسلا إلى قومهم كل نبي منهم إلى سبط.
وقيل: الميثاق هنا والنقباء هو ما جرى لموسى مع قومه في جهاد الجبارين، وذلك أنه لما استقر بنو إسرائيل بمصر بعد هلاك فرعون أمرهم الله بالمسير إلى أريحا أرض الشام، وكان يسكنها الكفار الكنعانيون الجبابرة وقال لهم: إني كتبتها لكم دارا وقرارا فأخرجوا إليها، وجاهدوا من فيها، وإني ناصركم. وأمر موسى أن يأخذ من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقه عليهم، فاختار النقباء، وأخذ الميثاق على بني إسرائيل، وتكفل لهم به النقباء، وسار
(٤٥٩)
مفاتيح البحث: الشام (1)، القتل (2)، الحزن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»