تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٩٧
* وحلت سواد القلب لا أنا باغيا * سواها ولا في حبها متراخيا * وقال آخر:
* أنكرتها بعد أعوام مضين لها * لا الدار دار ولا الجيران جيرانا * وخرج على ذلك سيبويه قول الشاعر:
* من صد عن نيرانها * فأنا ابن قيس لا براح * وهذا كله يحتمل التأويل، وعلى أن يحمل على ظاهره لا ينتهى من الكثرة بحيث تبنى عليه القواعد، فلا ينبغي أن يحمل عليه كتاب الله الذي هو أفصح الكلام وأجله، ويعدل عن الوجه الكثير الفصيح.
وأما قراءة النصب والتنوين فإنها منصوبة على المصادر، والعامل فيها أفعال من لفظها، التقدير: فلا يرفث رفثا، ولا يفسق فسوقا، ولا يجادل جدالا. و: في الحج، متعلق بما شئت من هذه الأفعال على طريقة الإعمال والتنازع.
وأما قراءة الفتح في الثلاثة من غير تنوين، فالخلاف في الحركة، أهي حركة إعراب أو حركة بناء؟ الثاني قول الجمهور، والدلائل مذكورة في النحو، وإذا بنى معها على الفتح فهل المجموع من لا والمبنى معها في موضع رفع على الابتداء؟ وإن كانت: لا، عاملة في الاسم النصب على الموضع، ولا خبر لها، أوليس المجموع في موضع مبتدأ؟ بل. لا، عاملة في ذلك الاسم النصب على الموضع، وما بعدها خبر: لا، إذا أجريت مجرى. إن، في نصب الاسم ورفع الخبر، قولان للنحويين، الأول: قول سيبويه، والثاني: الأخفش، فعلى هذين القولين يتفرع إعراب: في الحج، فيكون في موضع خبر المبتدأ على مذهب سيبويه، وفي موضع خبر: لا، على مذهب الأخفش.
وأما قراءة من رفع ونون: فلا رفث ولا فسوق، وفتح من غير تنوين: ولا جدال، فعلى ما اخترناه من الرفع على الابتداء، وعلى مذهب سيبويه: إن المفتوح مع: لا، في موضع رفع على الابتداء، يكون: في الحج، خبرا عن الجميع، لأنه ليس فيه، إلا العطف، عطف مبتدأ على مبتدأ.
وأما قول الأخفش فلا يصح أن يكون: في الحج، إلا خبرا للمبتدأين، أو: لا، أو خبر للا، لاختلاف المعرب في الحج، يطلبه المبتدأ أو تطلبه فقد اختلف المعرب فلا يجوز أن يكون خبرا عنهما.
وقال ابن عطية في هذه القراءة ما نصه: و: لا، بمعنى ليس في قراءة الرفع، وخبرها
(٩٧)
مفاتيح البحث: الحج (5)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»