أوهمه إقباله عليه ثم خرج من باب آخر، وهو راجع إلى معنى القول الأول، وقيل أصله الفساد، من قول الشاعر:
* أبيض اللون لذيذ طعمه * طيب الريق إذا الريق خدع * أي فسد. إلا: حرف، وهو أصل لذوات الاستثناء، وقد يكون ما بعده وصفا، وشرط الوصف به جواز صلاحية الموضع للاستثناء. وأحكام إلا مستوفاة في علم النحو. النفس: الدم، أو النفس: المودع في الهيكل القائم به الحياة، والنفس، الخاطر، ما يدري أي نفسيه يطيع، وهل النفس الروح أم هي غيره؟ في ذلك خلاف. وفي حقيقة النفس خلاف كثير ومجمع على أنفس ونفوس، وهما قياس فعل الاسم الصحيح العين في جميعه القليل والكثير. الشعور: إدراك الشيء من وجه يدق مشتق من الشعر، والإدراك بالحاسة مشتق من الشعار، وهو ثوب بلى الجسد ومشاعر الإنسان حواسه.
* (فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) *، المرض: مصدر مرض، ويطلق في اللغة على الضعف والفتور، ومنه قيل: فلان يمرض الحديث أي يفسده ويضعفه. وقال ابن عرفة: المرض في القلب: الفتور عن الحق، وفي البدن: فتور الأعضاء، وفي العين: فتور النظر، ويطلق ويراد به الظلمة، قال:
* في ليلة مرضت من كل ناحية * فما يحس به نجم ولا قمر * وقيل: المرض: الفساد، وقال أهل اللغة: المرض والألم والوجع نظائر. الزيادة: فعلها يتعدى إلى اثنين من باب أعطى وكسى، وقد تستعمل لازما نحو: زاد المال. أليم: فعيل من الألم بمعنى مفعل، كالسميع بمعنى المسمع، أو للمبالغة وأصله ألم. كان: فعل يدخل على المبتدأ والخبر بالشروط التي ذكرت في النحو، فيدل على زمان مضمون الجملة فقط، أو عليه وعلى الصيرورة، وتسمى ناقصة وتكتفي بمرفوع فتارة تكون فعلا لازما وتارة متعديا، بمعنى كفل أو غزل: كنت الصبي كفلت، وكنت الصوف غزلته، وهذا من غريب اللغات، وقد تزاد ولا فاعل لها إذ ذاك خلافا لأبي سعيد، وأحكامها مستوفاة في النحو. التكذيب: مصدر كذب، والتضعيف فيه للرمي به كقولك: شجعته وجبنته، أي رميته بالشجاعة والجبن، وهي أحد المعاني التي جاءت لها فعل وهي أربعة عشرة: الرمي، والتعدية، والتكثير، والجعل على صفة، والتسمية، والدعاء للشيء أو عليه، والقيام على الشيء، والإزالة، والتوجه، واختصار الحكاية، وموافقة تفعل وفعل، والإغناء عنهما، مثل ذلك: جبنته، وفرحته، وكثرته، وفطرته، وفسقته، وسقيته، وعقرته، ومرضته، وقذيت عينه، وشوق، وأمن، قال: آمين، وولى: موافق تولى، وقدر: موافق قدر، وحمر: تكلم بلغة حمير، وعرد في القتال. وأما الكذب فسيأتي الكلام عليه، لما ذكر من الكتاب هدى لهم، وهم المتقون الذين جمعوا أوصاف الإيمان من خلوص الاعتماد وأوصاف الإسلام من الأفعال البدنية والمالية، ولما ذكر ما آل أمرهم إليه في الدنيا من الهدى وفي الآخرة من الفلاح. ثم أعقب ذلك بمقابلهم من الكفار الذين ختم عليهم بعدم الإيمان، وختم لهم بما يؤولون إليه