[منهجه في تأليف هذا الكتاب] (وترتيبي في هذا الكتاب) أني أبتدئ أولا بالكلام على مفردات الآية التي أفسرها لفظة فيما يحتاج إليه من اللغة والأحكام النحوية التي لتلك اللفظة قبل التركيب، وإذا كان للكملة معنيان أو معان ذكرت ذلك في أول موضع فيه تلك الكلمة لينظر ما يناسب لها من تلك المعاني في كل موضع تقع فيه فيحمل عليه.
ثم أشرع في تفسير الآية ذاكرا سبب نزولها إذا كان لها سبب، ونسخها، ومناسبتها وارتباطها بما قبلها، حاشدا فيها القراءات شاذها ومستعملها، ذاكرا توجيه ذلك في علم العربية، ناقلا أقاويل السلف الخلف في فهم معانيها، متكلما على جليها وخفيها بحيث إني لا أغادر منها كلمة وإن اشتهرت حتى أتكلم عليها مبديا ما فيها من غوامض الإعراب، ودقائق الآداب من بديع وبيان، مجتهدا أني لا أكرر الكلام في لفظ سبق، ولا في جملة تقدم الكلام عليها، ولا في آية فسرت، بل أذكر في كثير منها الحوالة على الموضع الذي تلكم فيها على تلك اللفظة أو الجملة أو الآية، وإن عرض تكرير فبمزيده فائدة، ناقلا الفقهاء الأربعة وغيرهم في الأحكام الشرعية مما فيه تعلق باللفظ القرآني، محيلا على الدلائل التي في كتب الفقه، وكذلك ما نذكره من القواعد النحوية أحيل في تقررها والاستدلال عليها على كتب النحو، وربما أذكر الدليل إذا كان الحكم غريبا أو خلاف مشهور ما قال معظم الناس، بادئا بمقتضى الدليل وما دل عليه ظاهر اللفظ، مرجحا له لذلك ما لم يصد عن الظاهر ما يجب إخراجه به عنه، منكبا في الأعراب عن الوجوه التي تنزه القرآن عنها، مبينا أنها مما يجب أن يعدل عنه، وأنه ينبغي أن يحمل على أحسن إعراب وأحسن تركيب إذ كلام الله تعالى أفصح الكلام فلا يجوز فيه جميع ما يجوزه النحاة في شعر ((الشماخ)) و ((الطرماح)) وغيرهما من سلوك التقادير البعيدة، والتراكيب القلقة، والمجازات المعقدة، ثم أختتتم الكلام في جملة من الآيات التي فسرتها إفرادا وتركيبا بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع ملخصا، ثم أتبع آخر الآيات بكلام منثور، أشرح به مضمون تلك الآيات، على ما أختاره من تلك المعاني جملها في أحسن تلخيص، وقد ينجر معها ذكر معان لم تتقدم في التفسير، وصار ذلك أنموذجا لمن يريد أن يسلك ذلك فيما بقي من سائر القرآن، وستقف على هذا المنهج