موصولة، وقيل: نكرة موصوفة، وانتصاب نفسه على أنه تمييز، على قول بعض الكوفيين، وهو الفراء، أو مشبه بالمفعول على قول بعضهم، أو مفعول به، إما لكون سفه يتعدى بنفه كسفه المضعف، وإما لكونه ضمن معنى ما يتعدى، أي جهل، وهو قول الزجاج وابن جني، أو أهلك، وهو قول أبي عبيدة، أو على إسقاط حرف الجر، وهو قول بعض البصريين، أو توكيد لمؤكد محذوف تقديره سفه قوله نفسه، حكاه مكي. أما التمييزفلا يجيزه البصريون، لأنه معرفة، وشرط التمييز عندهم أن يكون نكرة، وأما كونه مشبها بالمفعول، فذلك عند الجمهور مخصوص بالصفة، ولا يجوز في الفعل، تقول: زيد حسن الوجه، ولا يجوز حسن الوجه، ولا يحسن الوجه. وأما إسقاط حرف الجر، وأصله من سفه في نفسه، فلا ينقاس، وأما كونه توكيدا وحذف مؤكدة ففيه خلاف. وقد صحح بعضهم أن ذلك لا يجوز أعني: أن يحذف المؤكد ويبقى التوكيد، وأما التضمين فلا ينقاس، وأما نصبه على أن يكون مفعولا به، ويكون الفعل يتعدى بنفسه، فهو الذي نختاره، لأن ثعلبا والمبرد حكيا أن سفه بكسر الفاء يتعدى، كسفه بفتح الفاء وشدها. وحكي عن أبي الخطاب أنها لغة. قال الزمخشري: سفه نفسه: امتهنها واستخف بها، وأصل السفه، الخفة، ومنه زمام سفيه. وقيل: انتصاب النفس على التمييز نحو: غبن رأيه، وألم رأسه، ويجوز أن يكون في شذوذ تعريف التمييز، نحو قوله:
* ولا بفزارة الشعر الرقابا * أجب الظهر ليس له سنام * وقيل: معناه سفه في نفسه فحذف لجار، كقولهم: زيد ظني مقيم، أي في ظني، والوجه هو الأول، وكفى شاهدا له بما جاء في الحديث: (الكبر أن يسفه الحق ويغمص الناس). انتهى كلامه. فأجاز نصبه على المفعول به، إلا أن قوله: ويجوز أن يكون في شذوذ تعريف التمييز، نحو قوله:
* ولا بفزارة الشعر الرقابا * أجب الظهر ليس له سنام * ليس بصحيح، لأن الرقاب من باب معمول الصفة المشبهة. والشعر جميع أشعر، وكذلك أجب الظهر هو أيضا من باب الصفة المشبهة، وأجب أفعل اسم وليس بفعل. وقبل النصف الأول قوله:
فما قومي بثعلبة بن سعدى وقبل الآخر قوله:
ونأخذ بعده بذناب عيش فليس نحوه، لأن نفسه انتصب بعد فعل، والرقاب والظهر انتصبا بعد اسم، وهما من باب الصفة المشبهة. ومعنى الآية: أنه لا يزهد ويرفع نفسه عن طريقة إبراهيم، وهو النبي المجمع على محبته من سائر الطوائف، إلا من أذل نفسه وامتهنها. وقال ابن عباس: معنى سفه نفسه: خسر نفسه. وقال أبو روق: عجز رأيه عن نفسه. وقال يمان: حمق رأيه. وقال الكلبي: قتل نفسه. وقال ابن بحر: جهلها ولم يعرف ما فيها من الدلائل. وحكي عن بعضهم أن معناه: سفه حق نفسه، فأما سفه بضم الفاء فمعناه: صار سفيها، مثل فقه إذا صار فقيها، قال:
* فلا علم إذا جهل العليم * ولا رشد إذا سفه الحليم *