التكفير * (عفا الله عما سلف) * أي عما فعلتم في الجاهلية من قتل الصيد في الحرم * (ومن عاد فينتقم الله منه) * أي من عاد إلى قتل الصيد وهو محرم بعد النهي عن ذلك فينتقم الله منه بوجوب الكفارة عليه أو بعذابه الآخرة * (أحل لكم صيد البحر) * أحل الله بهذه الآية صيد البحر للحلال والمحرم والصيد هنا المصيد والبحر هو الماء الكثير سواء كان ملحا أو عذبا كالبرك ونحوها وطعامه هو ما يطفو على الماء وما قذف به البحر لأن ذلك طعام وليس بصيد قاله أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وقال ابن عباس طعامه ما ملح منه وبقي * (متاعا لكم وللسيارة) * الخطاب بلكم للحاضرين في البحر والسيارة المسافرون أي هو متاع ما تدومون به * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) * الصيد هنا يحتمل أن يراد به المصدر أو الشيء المصيد أو كلاهما فنشأ من هذا أن ما صاده المحرم فلا يحل له أكله بوجه ونشأ الخلاف فيما صاد غيره فإذا اصطاد حلال فقيل يجوز للمحرم أكله وقيل لا يجوز إن اصطاده لمحرم والأقوال الثلاثة مروية عن مالك وإن اصطاد حرام لمن يجز لغيره أكله عند مالك خلافا للشافعي * (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) * أي أمرا يقوم للناس بالأمن والمنافع وقيل موضع قيام بالمناسك ولفظ الناس هنا عام وقيل أراد العرب خاصة لأنهم الذين كانوا يعظمون الكعبة * (والشهر الحرام) * يريد جنس الأشهر الحرم الأربعة لأنهم كانوا يكفون فيها عن القتال * (والهدى) * يريد أنه أمان لمن يسوقه لأنه يعلم أنه في عبادة لم يأت لحرب * (والقلائد) * كان الرجل إذا خرج يريد الحج تقلد شيئا من السمر وإذا رجع تقلد شيئا من أشجار الحرم ليعلم أنه كان في عبادة فلا يتعرض له أحد بشيء فالقلائد هنا هو ما تقلده المحرم من الشجر وقيل أراد قلائد الهدى قال سعيد ابن جبير جعل الله هذه الأمور للناس في الجاهلية وشدد في الإسلام * (ذلك لتعلموا) * الإشارة إلى جعل هذه الأمور قياما للناس والمعنى جعل الله ذلك لتعلموا أن الله يعلم تفاصيل الأمور * (لا يستوي الخبيث والطيب) * لفظ عام في جميع الأمور من المكاسب والأعمال والناس وغير ذلك * (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) * قيل سببها سؤال عبد الله بن حذافة من أبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أبوك حذافة وقال آخر أين أبي قال في النار وقيل سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقالوا يا رسول الله أفي كل عام فسكت فأعادوا قال لا ولو قلت نعم لوجبت فعلى الأول تسؤكم بالإخبار بما لا يعجبكم وعلى الثاني تسؤكم بتكليف ما يشق عليكم ويقوي هذا قوله عفا الله عنها أي سكت عن ذكرها
(١٨٩)