وقد يئول العرش في الآية بمعنى الملك، أي ما استوى الملك إلا له جل وعز. وهو قول حسن وفيه نظر، وقد بيناه في جملة الأقوال في كتابنا. والحمد لله.
قوله تعالى: (يغشى الليل النهار) أي يجعله كالغشاء، أي يذهب نور النهار ليتم قوام الحياة في الدنيا بمجئ الليل. فالليل للسكون، والنهار للمعاش. وقرئ " يغشى " بالتشديد، ومثله في " الرعد (1) ". وهي قراءة أبي بكر عن عاصم وحمزة والكسائي. وخفف الباقون.
وهما لغتان أغشى وغشى. وقد أجمعوا على " فغشاها (2) ما غشى " مشددا. وأجمعوا على " فأغشيناهم (3) " فالقراءتان متساويتان. وفي التشديد معنى التكرير والتكثير. والتغشية والإغشاء:
إلباس الشئ الشئ. ولم يذكر في هذه الآية دخول النهار على الليل، فاكتفى بأحدهما عن الآخر، مثل " سرابيل تقيكم (4) الحر ". " بيدك الخير (5) ". وقرأ حميد بن قيس " يغشي الليل النهار " ومعناه أن النهار يغشى الليل. (يطلبه حثيثا) أي يطلبه دائما من غير فتور. و " يغشي الليل النهار " في موضع نصب على الحال. والتقدير: استوى على العرش مغشيا الليل النهار. وكذا " يطلبه حثيثا " حال من الليل، أي يغشي الليل النهار طالبا له. ويحتمل أن تكون الجملة مستأنفة ليست بحال. " حثيثا " بدل من طالب المقدر أو نعت له، أو نعت لمصدر محذوف، أي يطلبه طلبا سريعا. والحث: الإعجال والسرعة. وولى حثيثا أي مسرعا. (والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) قال الأخفش: هي معطوفة على السماوات، أي وخلق الشمس. وروي عن عبد الله بن عامر بالرفع فيها كلها على الابتداء والخبر.
قوله تعالى: (ألا له الخلق والأمر) فيه مسألتان الأولى - صدق الله في خبره، فله الخلق وله الأمر، خلقهم وأمرهم بما أحب. وهذا الأمر يقتضي النهي. قال ابن عيينة: فرق بين الخلق والأمر، فمن جمع بينهما فقد كفر.