وعدونا إبليس عدو لهم، يعادي مؤمنهم ويوالي كافرهم. وفيهم أهواء: شيعة وقدرية ومرجئة يتلون كتابنا. وقد وصف الله عنهم في سورة " الجن " من قوله: " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون ". " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا (1) " على ما يأتي بيانه هناك. " يقصون " في موضع رفع نعت لرسل. (قالوا شهدنا على أنفسنا) أي شهدنا أنهم بلغوا. (وغرتهم الحياة الدنيا) قيل: هذا خطاب من الله للمؤمنين، أي أن هؤلاء قد غرتهم الحياة الدنيا، أي خدعتهم وظنوا أنها تدوم، وخافوا زوالها عنهم إن آمنوا. (وشهدوا على أنفسهم) أي اعترفوا بكفرهم. قال مقاتل: هذا حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك وبما كانوا يعملون (2).
قوله تعالى: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غفلون (131) قوله تعالى: " ذلك " في موضع رفع عند سيبويه، أي الأمر ذلك. و " أن " مخففة من الثقيلة، أي إنما فعلنا هذا بهم لأني لم أكن أهلك القرى بظلمهم، أي بشركهم قبل إرسال الرسل إليهم فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير. وقيل: لم أكن أهلك القرى بشرك من أشرك منهم، فهو مثل " ولا تزر وازرة وزر أخرى (3) ". ولو أهلكهم قبل بعثة الرسل فله أن يفعل ما يريد. وقد قال عيسى: " إن تعذبهم فإنهم عبادك (4) " وأجاز الفراء أن يكون " ذلك " في موضع نصب، المعنى: فعل ذلك بهم، لأنه لم يكن يهلك القرى بظلم.
قوله تعالى: ولكل درجت مما عملوا وما ربك بغافل عما يعلمون (132) قوله تعالى: (ولكل درجت مما عملوا) أي من الجن والإنس، كما قال في أية أخرى: " أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين " ثم قال: " ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون ". وفي هذا ما يدل على أن المطيع من الجن في الجنة، والعاصي منهم في النار، كالإنس سواء. وهو أصح