قوله تعالى: (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم) وقرأ أبو بكر بالجمع " مكاناتكم ". والمكانة الطريقة. والمعنى أثبتوا على ما أنتم عليه فأنا أثبت على ما أنا عليه. فإن قيل: كيف يجوز أن يؤمروا بالثبات على ما هم عليه وهم كفار. فالجواب أن هذا تهديد، كما قال عز وجل:
" فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا (1) ". ودل عليه " فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار " أي العاقبة المحمودة التي يحمد صاحبها عليها، أي من له النصر في دار الإسلام، ومن له وراثة الأرض، ومن له الدار الآخرة، أي الجنة. قال الزجاج: " مكانتكم " تمكنكم في الدنيا.
ابن عباس والحسن والنخعي: على ناحيتكم. القتبي: على موضعكم. (إني عامل) على مكانتي، فحذف لدلالة الحال عليه. " ومن " من قوله " من تكون له عاقبة الدار " في موضع نصب بمعنى الذي، لوقوع العلم عليه. ويجوز تكون في موضع رفع، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله فيكون الفعل معلفا. أي تعلمون أينا تكون له عاقبة الدار، كقول: " لنعلم أي الحزبين أحصى (2) " وقرأ حمزة والكسائي " من يكون " بالياء.
وجعلوا الله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون (136) قوله تعالى: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا) فيه مسألة واحدة ويقال: ذرأ يذرأ ذرءا، أي خلق. وفي الكلام حذف واختصار (3)، وهو وجعلوا لأصنامهم نصيبا، دل عليه ما بعده. وكان هذا مما زينه الشيطان وسوله لهم، (حتى (4) صرفوا من ماله طائفة إلى الله بزعمهم وطائفة إلى أصنامهم، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة. والمعنى متقارب.
جعلوا لله جزءا ولشركائهم جزءا، فإذا ذهب ما لشركائهم بالإنفاق عليها وعلى سدنتها عوضوا منه ما لله، وإذا ذهب ما لله بالإنفاق على الضيفان والمساكين لم يعوضوا منه شيئا، وقالوا: