تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٥٣
بالجن أنهم أطاعوهم كطاعة الله عز وجل، روي ذلك عن الحسن وغيره. قال قتادة والسدي:
هم الذين قالوا الملائكة بنات الله. وقال الكلبي: نزلت في الزنادقة، قالوا: إن الله وإبليس أخوان، فالله خالق الناس والدواب، وإبليس خالق (1) الجان والسباع والعقارب. ويقرب من هذا قول المجوس، فإنهم قالوا: للعالم صانعان: إله قديم، والثاني شيطان حادث من فكر الإله القديم، وزعموا أن صانع الشر حادث. وكذا الحائطية من المعتزلة من أصحاب أحمد بن حائط، زعموا أن للعالم صانعين: الإله القديم، والآخر محدث، خلقه الله عز وجل أولا ثم فوض إليه تدبير العالم، وهو الذي يحاسب الخلق في الآخرة. تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا. " وخرقوا " قراءة نافع بالتشديد على التكثير، لأن المشركين ادعوا أن لله بنات وهم الملائكة، وسموهم جنا لاجتنانهم. والنصارى ادعت المسيح ابن الله.
واليهود قالت: عزير ابن الله، فكثر ذلك من كفرهم (2)، فشدد الفعل لمطابقة المعنى. تعالى الله عما يقولون. وقرأ الباقون بالتخفيف على التقليل. وسئل الحسن البصري عن معنى " وخرقوا له " بالتشديد فقال: إنما هو " وخرقوا " بالتخفيف، كلمة عربية، كان الرجل إذا كذب في النادي قيل: خرقها ورب الكعبة. وقال أهل اللغة: معنى " خرقوا " اختلقوا وافتعلوا " وخرقوا " على التكثير. قال مجاهد وقتادة وابن زيد وابن جريج: " خرقوا " كذبوا. يقال: إن معنى خرق واخترق واختلق سواء، أي أحدث:
قوله تعالى: بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صحبة وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم - (101) قوله تعالى: (بديع السماوات والأرض) أي مبدعهما، فكيف يجوز أن يكون له ولد.
و " بديع " خبر ابتداء مضمر أي هو بديع. وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله عز وجل، ونصبه بمعنى بديعا السماوات والأرض. وذا خطأ عند البصريين لأنه لما مضى (3).

(1) في ب وج‍ وز وك: الحيات.
(2) في ج ك: من فعلهم.
(3) اسم الفاعل يعمل عمل فعله إن كان صلة لأل مطلقا فإن لم يكن صلة لأل عمل بشرطين عند البصريين: أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال. وأجاز الكسائي عمله إذا كان للماضي.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»