تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٧٣
به الأحكام. وهذا قول الجماعة الذين هم الحجة، ولا يلتفت إلى من شذ عنها. وأما الرأي المذموم والقياس المتكلف (1) المنهي عنه فهو ما لم يكن على هذه الأصول المذكورة، لأن ذلك ظن و (2) نزغ من الشيطان، قال الله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم (3) ". وكل ما يورده المخالف من الأحاديث الضعيفة والأخبار الواهية في ذم القياس فهي محمولة على هذا النوع من القياس المذموم، الذي ليس له في الشرع أصل معلوم. وتتميم هذا الباب في كتب الأصول.
قوله تعالى: قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين (13) قوله تعالى: (قال فاهبط منها) أي من السماء. (فما يكون لك أن تتكبر فيها لأن أهلها الملائكة المتواضعون. (فاخرج إنك من الصاغرين) أي من الأذلين. ودل هذا أن من عصى مولاه فهو ذليل. وقال أبو روق والبجلي: " فاهبط منها " أي من صورتك التي أنت فيها، لأنه افتخر بأنه من النار فشوهت صورته بالإظلام وزوال إشراقه. وقيل:
" فاهبط منها " أي انتقل من الأرض إلى جزائر البحار، كما يقال: هبطنا أرض كذا أي انتقلنا إليها من مكان أخر، فكأنه أخرج من الأرض إلى جزائر البحار فسلطانه فيها، فلا يدخل الأرض إلا كهيئة السارق (4) يخاف فيها حتى يخرج منها. والقول الأول أظهر. وقد تقدم في البقرة (5).
قوله تعالى: قال أنظرني إلى يوم يبعثون (14) قال إنك من المنظرين (15) سأل النظرة والإمهال إلى يوم البعث والحساب. طلب ألا يموت لأن يوم البعث لا موت بعده، فقال الله تعالى: (إنك من المنظرين). قال ابن عباس والسدي وغيرها:

(1) في ع: المشكل.
(2) في ع: وغرور. وفى ب: نغز. وهو الإغراء.
(3) راجع ج 10 ص 257.
(4) في ب: الساري بالياء.
(5) راجع ج 1 ص 327.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»