تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٦١
أو كفرهم، ومثله قوله تعالى: " فلعلك باخع نفسك (1) " الآية. وقال: " لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين (2) ". ومذهب مجاهد وقتادة أن الحرج هنا الشك، وليس هذا شك الكفر إنما هو شك الضيق. وكذلك قوله تعالى: " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون (1) ".
وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته. وفيه بعد. والهاء في " منه " للقرآن. وقيل: للإنذار، أي أنزل إليك الكتاب لتنذر به فلا يكن في صدرك حرج منه.
فالكلام فيه تقديم وتأخير. وقيل للتكذيب الذي يعطيه قوة الكلام. أي فلا يكن في صدرك ضيق من تكذيب المكذبين له.
الثانية - قوله تعالى: " وذكرى " يجوز أن يكون في موضع رفع ونصب وخفض.
فالرفع من وجهين، قال البصريون: هي رفع على إضمار مبتدأ. وقال الكسائي: عطف على " كتاب " والنصب من وجهين، على المصدر، أي وذكر به ذكرى، قال البصريون.
وقال الكسائي: عطف على الهاء في " أنزلناه (3) ". والخفض حملا على موضع " لتنذر به " والإنذار للكافرين، والذكرى للمؤمنين، لأنهم المنتفعون به.
قوله تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون (3) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) يعني الكتاب والسنة.
قال الله تعالى: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (4) ". وقالت فرقة: هذا أمر يعم النبي صلى الله عليه وسلم وأمته. والظاهر أنه أمر لجميع الناس دونه. أي اتبعوا ملة الإسلام والقرآن، وأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وامتثلوا أمره، واجتنبوا نهيه. ودلت الآية على ترك اتباع الآراء مع وجود النص.

(1) راجع ج 10 ص 353 وص 63.
(2) راجع ج 13 ص 89.
(3) كذا في الأصول.
وفى السمين: إنها حال من الضمير في أنزل. وقال: هذا سهو.
(4) راجع ج 18 ص 17.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»