تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٥٠
حدثنا شعبة بن الحجاج حدثنا مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا إنما هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة، يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة وأنا برئ منهم وهم منا برآء). وروى ليث بن أبي سليم عن طاوس عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ " إن الذين فارقوا دينهم ". ومعنى (شيعا) فرقا وأحزابا. وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع. (لست منهم في شئ) فأوجب براءته منهم، وهو كقول عليه السلام: (من غشنا فليس منا) أي نحن برآء منه. وقال الشاعر:
إذا حاولت في أسد فجورا * فإني لست منك ولست مني (1) أي أنا أبرأ منك. وموضع " في شئ " نصب على الحال من المضمر الذي في الخبر، قاله أبو علي. وقال الفراء هو على حذف مضاف، المعنى لست من عقابهم في شئ، وإنما عليك الإنذار (2). (إنما أمرهم إلى الله) تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون (160) قوله تعالى: (من جاء بالحسنة) ابتداء، وهو شرط، والجواب (فله عشر أمثالها) فله عشر حسنات أمثالها، فحذفت الحسنات وأقيمت الأمثال التي هي صفتها مقامها، جمع مثل وحكى سيبويه: عندي عشرة نسابات، أي عندي عشرة رجال نسابات.
وقال أبو علي: حسن التأنيث في " عشر أمثالها " لما كان الأمثال مضافا إلى مؤنث، والإضافة إلى المؤنث إذا كان إياه في المعنى يحسن فيه ذلك، نحو " تلقطه بعض السيارة ".

(1) البيت للنابغة الذبياني. يقول هذا لعيينة بن حصن الفزاري. وكان قد دعاه وقومه إلى مقاطعة بنى أسد ونقض حلفهم فأبى عليه وتوعده بهم. وأراد بالفجور نقض الحلف (عن شرح الشواهد).
(2) في ز: البلاغ.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»