قال المهدوي: وكثيرا ما يؤنثون فعل المضاف المذكر إذا كانت إضافته إلى مؤنث، وكان المضاف بعض المضاف إليه منه أو به، وعليه قول ذي الرمة:
* مشين... البيت فأنث المر لإضافته إلى الرياح وهي مؤنثة، إذ كان المر من الرياح. قال النحاس: وفيه قول آخر وهو أن يؤنث الإيمان لأنه مصدر كما يذكر المصدر المؤنث، مثل " فمن جاءه موعظة من ربه (1) " وكما قال (2):
* فقد عذرتنا في صحابته العذر * ففي أحد الأقوال أنث العذر لأنه بمعنى المعذرة. " قل انتظروا إنا منتظرون " بكم العذاب.
قوله تعالى: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون (159) قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم) قرأه حمزة والكسائي (فارقوا (3)) بالألف، وهي قراءة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، من المفارقة والفراق. على معنى أنهم تركوا دينهم وخرجوا عنه. وكان علي يقول: والله ما فرقوه ولكن فارقوه. وقرأ الباقون بالتشديد، إلا النخعي فإنه قرأ " فرقوا " مخففا، أي آمنوا ببعض وكفروا ببعض. والمراد اليهود والنصارى في قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك. وقد وصفوا بالتفرق، قال الله تعالى:
" وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة (4) ". وقال: " ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله (5) ". وقيل: عنى المشركين، عبد بعضهم الصنم وبعضهم الملائكة. وقيل:
الآية عامة في جميع الكفار. وكل من ابتدع وجاء بما لم يأمر الله عز وجل به فقد فرق دينه. وروي أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية " إن الذين فرقوا دينهم " هم أهل البدع والشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة. وروي بقية بن الوليد