تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٥٥
على الجواز والاستحباب، وأما المسنون فالقراءة بعد التكبير، والله بحقائق الأمور عليم.
ثم إذا قال فلا يقل: " وأنا أول المسلمين ". وهي:
الرابعة - إذ ليس أحدهم بأولهم إلا محمدا صلى الله عليه وسلم. فإن قيل: أو ليس إبراهيم والنبيون قبله؟ قلنا عنه ثلاثة أجوبة: الأول: أنه أول الخلق أجمع معنى، كما في حديث أبي هريرة من قوله عليه السلام: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة). وفي حديث حذيفة (نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق) الثاني: أنه أولهم لكونه مقدما في الخلق عليهم، قال الله تعالى:
" وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح (1) ". قال قتادة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث (2). فلذلك وقع ذكره هنا مقدما قبل نوح وغيره. الثالث: أول المسلمين من أهل ملته، قال ابن العربي وهو قول قتادة وغيره. واختلفت الروايات في " أول " ففي بعضها ثبوتها وفي بعضها لا، على ما ذكرنا.
وروى عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك في أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه ثم قولي: " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ".
قال عمران: يا رسول الله، هذا لك ولأهل بيتك خاصة أم للمسلمين عامة؟ قال:
(بل للمسلمين عامة).
قوله تعالى: قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون قوله تعالى: (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ) أي مالكه. روي أن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ارجع يا محمد إلى ديننا، واعبد آلهتنا، وأترك ما أنت

(1) راجع ج 14 ص 126.
(2) الحديث في كشف الخفا: " كنت أول البنين " الحديث وفيه مبحث قيم. ج 2 ص 129.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»