تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٩٥
ينبغي ولا يمكن للشياطين أن يتنزلوا عليه ولا أن يتلفقوا المعارف والحقائق والمعاني الكلية والشرائع، فإنهم معزولون عن جناب سماء الروح واستماع كلام الملكوت الأعلى، مرجومون بشهب الأنوار القدسية والبراهين العقلية، لأن طور الوهم لا يترقى عن أفق القلب ومقام الصدر ولا يتجاوز إلى السر، فكيف إلى حد من هو * (بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى) * [النجم، الآيات: 7 - 8]؟.
تفسير سورة الشعراء من [آية 213 - 219] * (فلا تدع مع الله إلها آخر) * أي: لا تلتفت إلى وجود الغير بظهور النفس ولا تحتجب في الدعوة بالكثرة عن الوحدة * (فتكون من المعذبين) * بإلقاء الشياطين وإن امتنع تنزلهم بالموافقة والمراقبة كقوله: * (ألقى الشيطان في أمنيته) * [الحج، الآية: 52]، فإنه لا يأمن في الإنذار والنزول إلى مبالغ عقول المنذرين ونفوسهم إلقاءهم وإن أمن تنزلهم ومصاحبتهم وإغواءهم عند التلقي.
* (وأنذر عشيرتك الأقربين) * من الذين يقارب استعدادهم استعدادك ويناسب حالهم بحسب الفطرة حالك، إذ القبول لا يكون إلى بجنسية ما في النفس وقرب في الروح.
* (واخفض جناحك) * بالنزول إلى مرتبة من * (اتبعك من المؤمنين) * لتخاطبه بلسانه ليفهم، وترقيه عن مقامه فيصعد، وإلا لم يمكنهم متابعتك * (فإن عصوك) * لاستحكام الرين وتكاثف الحجاب فتبرأ عن حولهم وقوتهم وحولك وقوتك بالتوكل والفناء في أفعاله تعالى فإنهم وإياك لا يقتدرون على ما لم يشأ الله ولا يكون إلا ما يريد وشاهد في توكلك وفنائك عن أفعالك مصادر أفعاله من العزة التي يقهر بها من يشاء من العصاة فيحجبهم ويمنعهم من الإيمان والرحمة التي يرحم بها ويفيض النور على من يشاء من أهل الهداية فإنه يحجب المحجوبين بقهره وجلاله ويهدي المهتدين بلطفه وجماله، وليس لك من الأمر شيء * (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) * [القصص، الآية: 56].
* (الذي يراك) * ويحضرك ويحفظك * (حين تقوم) * في النشأة في القيامة الصغرى والفطرة في الوسطى بالوحدة حين الاستقامة في الكبرى * (وتقلبك) * انقلابك وانتقالك في أطوار الفانين في أفعاله تعالى وصفاته وذاته بالنفس والقلب والروح في زمرتهم وقبل النشأة الأولى في أصلاب آبائك الأنبياء الفانين في الله عنها.
تفسير سورة الشعراء من [آية 220
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»