تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٩٠
على خفة عقله وكون جوابه غير مطابق للسؤال تعجبا منه لقومه وتسفيها له، فلما ثنى قوله بمثل ما قال أولا من إيراد خاصة أخرى جننه، فثلث بقوله: * (إن كنتم تعقلون) * أي: إن جننت فأين عقلكم حتى يعرف طوره ولم يتجاوز حده. وهذه المقالة إشارة إلى أن النفس المحجوبة بمعقولها لا تهتدي إلى معرفة الحق وحكمة الرسالة والشرع، ولا تذعن للمتابعة ولا تنقاد للمطاوعة بل تظهر بالأنانية وطلب العلوم والربوبية والتغلب على الرسالة الإلهية وهو معنى قوله: * (لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) *.
تفسير سورة الشعراء من [آية 30 - 40] والشيء المبين الذي يمنعه عن الاستيلاء ويردعه عن الغلبة والاستعلاء هو النور البارق القدسي، والبرهان النير العرشي الذي ائتلف به القلب في الأفق الروحي المعجز للنفس والقوى الدالة على صدقه في الدعوى المفيد لقوتيه العاقلتين النظرية والعلمية للهيئة النورية والقوة القهرية حتى صارت الأولى قوة قدسية متأيدة بالحكمة البالغة يعتمد عليها في قمع العدو عند المجادلة ودفع الخصم عند المغالطة. والثانية قوة ملكية متأيدة بالقدرة الكاملة يعجز بها من غالبه في القوة وعارضه بالقدرة، فإذا ألقى عصا القوة القدسية بالذكر القلبي صار ثعبانا ظاهر الثعبانية في الغلبة القوية، وإذا نزع يد الملكية من جيب الصدر حير الناظر بالإشراق والنورية.
تفسير سورة الشعراء من [آية 41 - 60]
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»