تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٩٢
وتعارضهما بعصا القوة القدسية البحر الهيولاني فانفلق إلى الحقوق والحظوظ ونجا موسى وقومه بطريق التجريد وأخرج أعداءهم بالمنع عن الحظوظ والإجبار على الحقوق من جنات اللذات النفسانية وعيون أذواقها وأهوائها وكنوز مدخراتها وأسبابها ومقام الركون إلى مشتهياتها إلى أن خرج موسى وأهله من البحر بالمفارقة وغرق فرعون النفس وقومه أجمعون.
* (وما تعبدون) * كل من عكف على شيء يهواه ويحبه ويتولاه فهو عابد له، محجوب به عن ربه، موقوف معه عن كماله، وذلك عدو الموحد، إذ الغير لا يوجد عنده إلا في التوهم. فالباعث على عبادته الشيطان والغالب على عابده الظلم والعدوان، ولا يضر غير الحق في شهوده ولا ينفع ولا يبصر بنفسه ولا يسمع لأنه يشهد الحق قائما على كل نفسه بما تفعل وأيدي الأفعال كلها في حضرة أسمائه منه تصدر، كما قال عليه السلام: * (الذي خلقني فهو يهدين) * * (والذي هو يطعمني ويسقين) * إلى آخره، فهو الخالق والهادي والمطعم والساقي والممرض والشافي والمميت والمحيي، ويقرر هذا المعنى قوله: * (أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون 93) * [الشعراء، الآيات: 92 - 93] إلى قوله: * (فما لنا من شافعين ولاصديق حميم) * [الشعراء، الآيات: 100 - 101]. ولما كان هذا المقام مقام الفناء وذنبه لا يكون إلا بوجود البقية، خاف ذنب حاله، ورجا غفرانه منه بنور ذاته فقال: * (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) * أي: القيامة الكبرى ولا يجازيني من ظهور البقية بالحرمان.
تفسير سورة الشعراء من [آية 83
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»