تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٤
سورة القارعة بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة القارعة من [آية 1 - 5] * (القارعة) * الداهية التي تقرع الناس وتهلكهم وهي إما القيامة الكبرى أو الصغرى، فإن كانت الكبرى فمعناها الحالة التي تفني المقروع من تجلي الذات الأحدية وإفناء البشرية بالكلية وهي حالة لا يعرف كنهها ولا يقدر قدرها، تقرعهم.
* (يوم يكون الناس كالفراش) * أي: يكونون في ذلك الشهود في الذلة وتفرق الوجهة كالفراش المنتثر وأحقر وأذل لأنه لا قدر ولا وقع لهم في عين الموحد كقوله:
لن يكمل إيمان المرء حتى يكون الناس عنده كالأباعر أو كالفراش * (المبثوث) * إذا احترق وانبث بالنار لنظره إليهم بعين الفناء.
* (وتكون الجبال) * أي: الأكوان ومراتب الوجود على اختلاف أصنافها وأنواعها * (كالعهن المنفوش) * لصيرورتها هباء منبثا وانتقاعها وتلاشيها بالتجلي وإن كان المراد بالناس المقروعين من أهل الكبرى فمعناها: كالفراش المبثوث المحترق بنور التجلي المتلاشي لا غير، وتكون الجبال أي: ذواتهم وصفاتهم مع اختلاف مراتبها وألوانها * (كالعهن المنفوش) * في التلاشي، إلا أن قوله: * (فأما من ثقلت موازينه 6) * * (وأما من خفت موازينه 8) * لا يساعده لانتفاء التفصيل هناك. واعلم أن ميزان الحق بخلاف ميزان الخلق، إذ صعود الموزونات وارتفاعها فيه هو الثقل وهبوطها وانحطاطها هو الخفة لأن ميزانه تعالى هو العدل والموزونات الثقيلة أي: المعتبرة الراجحة عند الله التي لها قدر ووزن عنده هي الباقيات الصالحات ولا ثقل أرجح من البقاء الأبدي، والخفيفة التي لا وزن لها ولا قدر ولا اعتبار عند الله هي الفانيات الفاسدات من اللذات الحسية والشهوات. ولا خفة أخف من الفناء الصرف.
تفسير سورة القارعة من [آية 6 - 11] * (فأما من ثقلت موازينه) * بأن كانت من العلوم الحقيقية والفضائل النفسانية والكمالات القلبية والروحانية * (فهو في عيشة) * ذات رضا، أي: حياة حقيقية في جنان
(٤٢٤)
مفاتيح البحث: سورة القارعة (3)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»