تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٤١٩
سورة البينة بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة البينة [آية 1] * (لم يكن الذين كفروا) * أي: حجبوا إما عن الدين وطريق الوصول إلى الحق كأهل الكتاب وإما عن الحق أيضا كالمشركين * (منفكين) * عما هم فيه من الضلالة * (حتى تأتيهم البينة) * أي: الحجة الواضحة الموصلة إلى المطلوب وذلك أن الفرق المختلفة المحتجبة بأهوائهم وضلالاتهم من اليهود والنصارى والمشركين كانوا يتخاصمون ويتعاندون ويدعي كل حزب حقية ما عليه ويدعو صاحبه إليه وينسب دينه إلى الباطل، ثم يتفقون على أنا لا ننفك عما نحن فيه حتى يخرج النبي الموعود في الكتابين المأمور باتباعه فيهما فنتبعه ونتفق على الحق على كلمة واحدة كما عليه الآن بعينه حال هؤلاء المتعصبين من أهل المذاهب المتفرقة وانتظارهم خروج المهدي في آخر الزمان ووعدهم على اتباعه متفقين على كلمة واحدة. ولا أحسب حالهم إلا مثل حال أولئك إذا خرج، أعاذنا الله من ذلك، فحكى الله قولهم وبين أنهم ما تفرقوا تفرقا قويا وما اشتد اختلافهم وتعاندهم إلا من بعدما جاءتهم البينة بخروجه لأن كل فرقة، بل كل شخص، توهم أنه يوافق هواه ويصوب رأيه لاحتجابه بدينه، فلما ظهر خلاف ذلك ازداد كفره وعناده واشتدت شكيمته وضغينته.
تفسير سورة البينة من [آية 2 - 8] * (رسول) * بدل من البينة أي: الحجة القادمة الواضحة * (رسول من الله يتلو صحفا) * من ألواح العقول والنفوس السماوية لاتصاله بها بتجرده * (مطهرة) * من دنس الطبائع وكدر العناصر ودنس المواد وتحريف العباد * (فيها كتب قيمة) * أي مكتوبات ثابتة أبدية مستقيمة ناطقة بالحق والعدل لا تتغير ولا تتبدل أبدا هي أصول الدين القيم.
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»