تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٣
* (فإذا نقر في الناقور) * أي: نزع الروح عن الجسد فتنقر الهيئات الروحانية ومحاسن الصور والملاذ والإدراكات عنه ويؤثر بالتفريق والتبديد في ذلك المنقور، وذلك عبارة عن النفحة الأولى للإماتة أو ينقر في البدن المبعوث فتنتقش فيها الهيئات المكتسبة المردية الموجبة للعذاب أو الحسنة المنجية الموجبة للثواب، فيكون عبارة عن النفخة الثانية التي للإحياء وهو الأظهر، فلا يخفى عسر ذلك اليوم على المحجوبين على أحد وإن خفي يسره على غيرهم إلا على المحققين من أهل الكشف والعيان.
* (سأصليه سقر) * بدل من قوله: * (سأرهقه صعودا 17) * [المدثر، الآية: 17] والصعود: عقبة شاقة المصعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ' جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك أبدا ' وهو والله أعلم إشارة إلى طور النفس الذي هو أعظم أطوارها أي: أفقها الذي يلي الفطرة الإنسانية يصعد إليه سنين متطاولة في صور التعذيب وبرازخ الاحتجاب يهلك ويحترق فيها كما قال عليه السلام: ' يكلف أن يصعد عقبة في النار كلما وضع يده عليها ذابت فإذا رفعها عادة وإذا وضع رجله ذابت فإذا رفعها عادت ويهوي فيه إلى أسفل سافلين '. كذلك ينتقل دركة دركة في برازخ متنوعة أبدا فذلك الصعود هو سقر الطبيعة من أعلى طبقاتها إلى أسفلها سأصليه إياها لا تبقى فيها شيئا إلا أهلكته وأفنته وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد فأهلكته مرة أخرى هكذا دائما.
تفسير سورة المدثر من [آية 29 - 31] * (لواحة للبشر) * مغيرة لظواهر الأجساد إلى لون سواد خطاياهم وهيئات سيئاتهم وذلك من خاصية تلك لنار كما تغير النار الجسمانية الألوان والهيئات * (عليها تسعة عشر) * هي الملكوت الأرضية التي تلازم المادة من روحانيات الكواكب السبعة والبروج الاثني عشر الموكلة بتدبير العالم السفلي المؤثرة فيه تقمعهم بسياط التأثير وتردهم في مهاويها.
* (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة) * لتغلبهم وتقهرهم فإن عالم الملك في قهر عالم الملكوت وتسخيره * (وما جعلنا عدتهم إلا) * لابتلاء المحجوبين وتعذيبهم وزيادة احتجابهم وارتيابهم.
* (ليستيقن الذين أوتوا) * كتاب العقل الفرقاني * (ويزداد الذين آمنوا) * الإيمان اليقيني العلمي * (إيمانا) * بالكشف والعيان فلا يرتابوا كما ارتاب الجاهلون بالجهل البسيط
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»