تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٠
الجوارح والآلات والقوى وكل ما ينسب إليه التأثير والمعونة من الوسايط فيقال: * (هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) * فيرسل ما أمسك من النعم الباطنة والظاهرة أو يمسك ما أرسل من النعم المعنوية والصورية أو يحصل لكم ما منع ولم يقدر لكم أو يمنع ما أصابكم به وقدر عليكم * (أن) * المحجوبون الذين ستروا نور فطرتهم * (إلا في غرور) * بالوسايط.
* (آمن) * يشار إليه منها فيقال: * (هذا الذي يرزقكم إن أمسك) * الرحمن * (رزقه) * المعنوي أو الصوري * (بل لجوا في عتو) * عناد وطغيان لمضادتهم الحق بالباطل الذي أقاموا عليه ومنافاتهم النور بظلمة نفوسهم * (ونفور) * أي: شراد لبعد طباعهم ونبوها عنه.
* (أفمن يمشي مكبا على وجهه) * متنكسا بالتوجه إلى الجهة السفلية ومحبته للملاذ الحسية وانجذابه إلى الأمور الطبيعية * (أهدى أمن يمشي سويا) * منتصبا على صراط التوحيد الموصوف بالاستقامة التامة التي لا يبلغ كنهها ولا يقدر قدرها ولما فرق بين الفريقين الضالين والمهتدين الموحدين. أشار إلى توحيد الأفعال بقوله: * (قل هو الذي أنشأكم) * وذكر من أفعاله الإبداء والإعادة وبين أن المحجوبين مع اعترافهم بالإبداء منكرون للإعادة فلا جرم يسوء وجوههم رؤية ما ينكرونه، ويعلوها الكآبة ويأتيهم من العذاب الأليم ما لا يدخل تحت الوصف ولا يجيرهم منه ما احتجبوا به من الحق ونسبوا التأثير إليه لعجزه وانتفاء قدرته ولا الرحمن لأنهم لم يتكلوا عليه برؤية جميع الأفعال منه ونفي التأثير عن الغير فلم يؤمنوا به الإيمان الحقيقي ولذلك عرض بكفرهم وشركهم بقوله: * (هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) * أي: لم نتوكل على غيره لأنا شاهدنا الحضرة الرحمانية التي تصدر عنها الأشياء كلها فمنعنا ذلك الإيمان الحقيقي نسبة الفعل إلى الغير فهو يجيرنا دونكم، والله أعلم.
(٣٤٠)
مفاتيح البحث: المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»