تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٤
سورة الرحمن بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الرحمن من [آية 1 - 9] * (الرحمن) * اسم خاص في أسماء الله تعالى باعتبار إفاضة أصول النعم كلها من الأعيان وكمالاتها الأولية بحسب البداية، وإنما أورد ها هنا لعموم وصفيته الشاملة للأوصاف التي تحت معناه في المبدئية ليسند إليه الأصول المختلفة الواردة بعده.
* (علم القرآن) * أي: الاستعداد الكامل الإنساني المسمى بالعقل القرآني الجامع للأشياء كلها، حقائقها وأوصافها وأحكامها إلى غير ذلك مما يمكن وجوده ويمتنع بإبداعه في الفطرة الإنسانية وركزه فيها ولأن ظهوره وبروزه إلى الفعل بتفصيل ما جمع فيه. وصيرورته فرقانا إنما تكون بحسب النهاية ما ذكر الفرقان كما ذكره في قوله:
* (تبارك الذي نزل الفرقان) * [الفرقان، الآية: 1] لأنه من باب الرحمة الرحيمية لا الرحمانية.
* (خلق الإنسان) * أي: لما أبدع فطرته وأودع العقل القرآني فيها أبرزه في هذه النشأة بخلقه في هذه الصورة العجيبة * (علمه البيان) * أي: النطق المميز إياه عن جميع ما سواه من المخلوقات ليخبر به عما في باطنه من العقل القرآني.
* (الشمس والقمر) * أي: الروح والقلب يجريان فيه ويسيران بحساب، أي: قدر معلوم من منازلهما ومراتبهما مضبوط لا يجاوز أحدهما قدره ومرتبته التي عينت له، فلكل منهما كمالات ومراتب محدودة القدر معلومة الغاية تنتهي إليها * (والنجم) * أي:
النفس الحيوانية النورانية بالشعور الحسي في ليل الجسم * (والشجر) * أي: النفس النباتية المنمية له. * (يسجدان) * بتوجههما إلى أرض الجسد ووضع جبهتهما عليها بالميل والإقبال الكلي نحوها لتربيتها وإنمائها وتكميلها.
* (والسماء) * أي: سماء العقل * (رفعها) * إلى محل شمس الروح وثمر القلب * (ووضع) * أي: خفض ميزان العدل إلى أرض النفس والبدن. فإن العدالة هيئة نفسانية لولاها لما حصلت الفضيلة الإنسانية ومنه الاعتدال في البدن الذي لو لم يكن لما وجد ولم يبق ولما استقام أمر الدين والدنيا بالعدل، واستتب كمال النفس والبدن به بحيث
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»