العلمية والعملية. فإن الكذب والارتياب كلاهما من باب رذيلة القوة النطقية لعدم اليقين والصدق والإسراف عن رذيلة القوتين الأخريين والإفراط في أعمالها.
تفسير سورة غافر من [آية 36 - 50] والصرح الذي أمر فرعون هامان ببنائه هو قاعدة الحكمة النظرية من القياسات الفكرية، فإن القوم كانوا منطقيين محجوبين بعقولهم المشوبة بالوهم غير المنورة بنور الهداية، أراد أن يبلغ طرق سماوات الغيوب ويطلع على الحضرة الأحدية بطريق الفكر دون السلوك في الله بالتجريد والمحو والفناء ولاحتجابه بأنائيته وعلمه قال: * (وإني لأظنه كاذبا وكذلك) * أي: مثل ذلك التزيين والصد * (زين لفرعون سوء عمله) * لاحتجابه بصفات نفسه ورذائله * (وصد عن السبيل) * لخطئه في فكره، أي: فسد علمه ونظره لشدة ميله في الدنيا ومحبته إياها بغلبة الهوى بخلاف حال الذي آمن حيث حذر أولا من الدنيا بقوله: * (يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار) * لسرعة زوال الأولى وبقاء الأخرى دائما * (أدعوكم إلى النجاة) * أي: التوحيد والتجري الذي هو سبب نجاتكم * (وتدعونني) * إلى الشرك الموجب لدخول النار * (وأشرك به ما ليس لي) * بوجوده علم إذا لا وجود له * (وأنا أدعوكم إلى العزيز) * الغالب الذي يقهر من عصاه * (الغفار) * الذي يستر ظلمات نفوس من أطاعه بأنواره.