تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
بنور استعداده من غير إنكار لصفاته. وأما المحجوب فلظلمة جوهره وخبث باطنه لا يناسب ذاته آياته فينكرها ويجادل فيها * (بالباطل) * ليدحض بجداله آياته فيحق له العقاب.
* (الذين يحملون العرش) * من النفوس الناطقة السماوية اللاتي أرجلهم في الأرضين السفلى بتأثيرهم فيها وأعناقهم مرقت من السماوات العلى لتجردهم منها وتدبيرهم إياها أو الأرواح التي هي معشوقاتها * (ومن حوله) * من الأرواح المجردة القدسية والنفوس الكوكبية * (يسبحون بحمد ربهم) * ينزهونه عن اللواحق المادية بتجرد ذواتهم حامدين له بإظهار كمالاتهم المستفادة منه تعالى فكأنهم يقولون بلسان الحال: يا من هذه صفاته وهباته * (ويؤمنون به) * الإيمان العياني الحقيقي * (ويستغفرون للذين آمنوا) * بالأمداد النورية والإفاضات السبوحية لمناسبة ذواتهم ذواتهم في الحقيقة الإيمانية * (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما) * أي: شملت رحمتك وأحاط بالكل علمك * (فاغفر) * بنورك * (للذين تابوا) * إليك بالتجرد عن الهيئات الظلمانية والظلمات الهيولانية * (واتبعوا سبيلك) * بالسلوك فيك على متابعة حبيبك في الأعمال والمقامات والأحوال يتنصلون عن ذنوب أفعالهم وصفاتهم وذواتهم * (وقهم) * بعنايتك * (عذاب) * جحيم الطبيعة.
تفسير سورة غافر من [آية 8 - 12] * (ربنا وأدخلهم جنات) * صفاتك وحظائر قدسك * (التي وعدتهم ومن صلح) * بالتجرد عن الغواشي المادية واستعد لذلك بالتزكية والتحلية من أقاربهم المتصلين بهم للمناسبة والقرابة الروحانية * (إنك أنت العزيز) * الغالب القادر على التعذيب * (الحكيم) * الذي لا يفعل ما يفعل إلا بالحكمة ومن الحكمة الوفاء بالوعد * (وقهم السيئات) * بتوفيقك وحسن عنايتك وكلاءتك.
* (ومن تق السيئات) * فقد حقت له رحمتك * (وذلك هو الفوز العظيم) * لأن المرحوم، سعيد، والمحجوب يمقت نفسه حين تظهر له هيئاتها المظلمة وصفاتها المؤلمة وسواد وجهه الموحش وقبح منظرها المنفر بارتفاع الشواغل الحسية التي كانت تشغله عن إدراك ذاته فينادى: * (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) * إذ هو نور الأنوار وكلما
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»