يشعرن بكم أحدا من القوى النفسانية. * (إنهم إن يظهروا) * أي: يغلبوا * (عليكم يرجموكم) * بحجارة الأهواء والدواعي من الغضب والشهوة وطلب اللذة فيقتلوكم بمنعكم عن كمالكم * (أو يعيدوكم في ملتهم) * باستيلاء الوهم وغلبة الشيطان والإمالة إلى الهوى وعبادة الأوثان وعلى التأويل الأول ظهور العوام، واستيلاء المقلدة والحشوية المحجوبين، وأهل الباطل المطبوعين، ورجمهم أهل الحق، ودعوتهم إياهم إلى ملتهم ظاهر كما كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تفسير سورة الكهف من آية 21 إلى آية 22] * (وكذلك أعثرنا عليهم) * أي: مثل ذلك البعث والإنامة أطلعنا على حالهم المستعدين القابلين لهديهم ومعرفة حقائقهم * (ليعلموا) * بصحبتهم وهدايتهم * (إن وعد الله) * بالبعث والجزاء * (حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم) * أي:
حين يتنازع المستعدون الطالبون بينهم أمرهم في المعاد، فمنهم من يقول: إن البعث مخصوص بالأرواح المجردة دون الأجساد، ومنهم من يقول: إنه بالأرواح والأجساد معا، فعلموا بالاطلاع عليهم ومعرفتهم أنه بالأرواح والأجساد وأن المعاد الجسماني حق، * (فقالوا ابنوا عليهم بنيانا) * أي: فلما توفوا قالوا ذلك كالخانقاهات والمشاهد والمزارات المبنية على الكمل، المقربين من الأنبياء والأولياء كإبراهيم ومحمد، وسائر الأنبياء والأولياء عليهم الصلاة والسلام. * (ربهم أعلم بهم) * من كلام أتباعهم من أممهم والمقتدين بهم، أي: هم أجل وأعظم شأنا من أن يعرفهم غيرهم، الموحدون الهالكون في الله، المتحققون به، فهو أعلم بهم كما قال تعالى: ' أوليائي تحت قبائي، لا يعرفهم غيري '. * (قال الذين غلبوا على أمرهم) * من أصحابهم والذين يلون أمرهم تبركا بهم وبمكانهم * (لنتخذن عليهم مسجدا) * يصلى فيه. * (سيقولون) * أي:
الظاهريون من أهل الكتاب والمسلمين الذين لا علم لهم بالحقائق. وقوله: * (ورجما بالغيب) * أي: رميا بالذي غاب عنهم، يعني: ظنا خاليا عن اليقين بعد قولهم:
* (ثلاثة رابعهم كلبهم) * و * (خمسة سادسهم كلبهم) * وتوسيط الواو الدالة على أن الصفة مجامعة للموصوف ولا تفارقه، وأنه لا عدد وراءه بين قوله: * (ويقولون سبعة) * وبين * (وثامنهم كلبهم) *. وقوله: * (ما يعلمهم إلا قليل) * بعده، يدل على أن العدد هو سبعة لا غير، فالقليل هم المحققون القائلون به وإن أولناهم بالقوى الروحانية فهم