تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٤١٩
قالوا: * (ربكم أعلم بما لبثتم) * [الكهف، الآية: 19] ولهذا لم يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت ظهور المهدي عليه السلام، وقال: ' كذب الوقاتون '.
[تفسير سورة الكهف من آية 13 إلى آية 15] * (إنهم فتية آمنوا بربهم) * إيمانا يقينا علميا على طريق الاستدلال أو المكاشفة * (وزدناهم هدى) * أي: هداية موصلة إلى عين اليقين ومقام المشاهدة بالتوفيق.
* (وربطنا على قلوبهم) * قويناها بالصبر على المجاهدة، وشجعناهم على محاربة الشيطان ومخالفة النفس، وهجر المألوفات الجسمانية، واللذات الحسية، والقيام بكلمة التوحيد، ونفي إلهية الهوى، وترك عبادة صنم الجسم بين يدي جبار النفس الأمارة من غير مبالاة بها حين عاتبتهم على ترك عبادة إله الهوى وصنم البدن، وأوعدتهم بالفقر والهلاك، إذ النفس داعية إلى عبادته وموافقته، وتهيئة أسباب حظوظه مخيفة للقلب من الخوف والموت، أو جسرناهم على القيام بكلمة التوحيد، وإظهار الدين القويم والدعوة إلى الحق عند كل جبار هو دقيانوس وقته كنمروذ وفرعون وأبي جهل وأضرابهم ممن دان بدينهم واستولى عليه النفس الأمارة فعبد الهوى، أو ادعى الطغيان، وتمرد أنائيته وعدوانه الربوبية من غير مبالاة عند معاتبته إياهم على ترك عبادة الصنم المجعول كما هو عادة بعضهم أو صنم نفسه، كما قال فرعون اللعين:
* (ما علمت لكم من إله غيري) * [القصص، الآية: 38] و * (أنا ربكم الأعلى) * [النازعات، الآية: 24]. * (هؤلاء قومنا) * إشارة إلى النفس الأمارة وقواها، لأن لكل قوم إلها تعبده وهو مطلوبها ومرادها، والنفس تعبد الهوى كقوله: * (أفرءيت من اتخذ إلهه هواه) * [الجاثية، الآية: 23]، أو إلى أهل زمان كل من خرج منهم داعيا إلى الله، إذ كل من عكف على شيء يهواه فقد عبده. * (لولا يأتون عليهم) * أي: على عبادتهم وإلهيتهم وتأثيرهم ووجودهم * (بسلطان بين) * أي: حجة بينة دليل على فساد التقليد وتبكيت بأن إقامة الحجة على إلهية غير الله وتأثيره ووجوده محال، كما قال: * (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) * [النجم، الآية : 23] أي: أسماء بلا مسميات لكونها ليست بشيء.
[تفسير سورة الكهف آية 16] * (وإذ اعتزلتموهم) * أي: فارقتم نفوسكم وقواها بالتجرد * (وما يعبدون إلا الله) *
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»