تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
لهذا بدون حرمان الآخر منه ومال إلى من يجانسه في الصفاء بالمحبة الذاتية لشدة المناسبة.
وكلما كان أقرب إلى الوحدة كانت قوة المحبة فيه أقوى لشدة قربه لمن تدين بدينه كالخطوط الآتية من محيط الدائرة إلى مركزها، فبحسب قوة الإيمان شدة الألفة بينهم.
* (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) * لأن ما في الجهة السفلية تزيد في عداوتهم ومناوأتهم لاشتداد حرصهم وتكالبهم به * (ولكن الله ألف بينهم) * بنور الوحدة التي تورث المحبة الروحانية والألفة القلبية فإن المحبة ظل الوحدة، والألفة ظل المحبة، والعدالة ظل الألفة * (إنه عزيز) * قوي على دفع الكفرة وقهرهم باجتماع المؤمنين واتفاقهم * (حكيم) * يفعل ذلك بحكمة لإيقاع الألفة والمحبة بين هؤلاء والتفرقة واختلاف الكلمة بين أولئك.
[تفسير سورة الأنفال من آية 72 إلى آية 75] * (إن الذين آمنوا وهاجروا) * إلى آخر الآية، بالفحوى تدل على أن الفقير القائم بالخدمة في الخانقاه والبقعة ليس عليه خدمة المقيم بل المسافر لقوله تعالى: * (والذين ءامنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء) * [الأنفال، الآية: 72] أي: الذين آمنوا الإيمان العلمي وهاجروا المألوفات من الأهل والولد والأموال والأسباب وأوطان النفس بقوة العزيمة واختاروا السياحة في الغربة، وجاهدوا بقوة اليقين والتوكل بأموالهم بتركها وإنفاقها في مراضي الله وأنفسهم بإتعابها بالرياضة ومحاربة الشيطان وتحمل وعثاء السفر في سبيل الله وبذلها في الدين بنية السلوك في الله. والذين آووهم بالخدمة في المنزل، ونصروهم بتهيئة ما احتاجوا إليه من الأهبة * (أولئك بعضهم أولياء بعض) * بالألفة والمحبة * (والذين آمنوا ولم يهاجروا) * عن الأوطان المألوفة ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»