تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٧٨
حقوقهم وصرفها في غير وجهها * (خصيما) * يدفع عنهم العذاب وتسليط الله الخلق عليهم بالإيذاء ويحتج عنهم على غيرهم أو على الله بالاعتراض بأنه لم خذلهم وقهرهم فإنهم الظالمون لا حجة لهم بل الحجة عليهم * (واستغفر الله) * لنفسك بترك الاعتراض والاحتجاج عنهم لنغفر تلوينك الذي ظهر عليك بوجود قلبك وبصفاته * (ولا تجادل) * ظهر تأويله من هذا * (يستخفون من الناس) * بكتمان رذائلهم وصفات نفوسهم التي هي معايبهم عنهم * (ولا يستخفون من الله) * بإزالتها وقلعها وهو شاهدهم يعلم بواطنهم * (إذ يبيتون) * أي: يقدرون في عالم ظلمة النفس والطبيعية * (ما لا يرضى من القول) * من الوهميات والتخيلات الفاسدة التي يلفقونها في تحصيل أغراضهم من حطام الدنيا ولذاتها * (وكان الله بما يعملون محيطا) * يجازيهم بحسب صفاتهم وأعمالهم.
[تفسير سورة النساء من آية 109 إلى آية 112] * (ها أنتم هؤلاء) * ظاهر مما مر * (ومن يعمل سوءا) * بظهور صفة من صفات نفسه * (أو يظلم نفسه) * بنقص شيء من كمالاته التي هي مقتضى استعداده بتقصير فيه وارتكاب عمل ينافيه ثم يطلب من الله ستر تلك الصفة والهيئة الساترة لكماله بالتوجه إليه والتنصل عن الذنب * (يجد الله غفورا) * يستر ذلك السوء والهيئة المظلمة بنور صفته * (رحيما) * يهب ما يقتضيه استعداده. * (ومن يكسب خطيئة) * بظهور نفسه * (أو إثما) * يمحو ما في استعداده وكسب هيئة منافية لكماله * (ثم يرم به بريئا) * بأن قال:
حملني على ذلك فلان، ومنعني عن طلب الحق فلان، وهذا جريمة فلان، كما هو عادة المتعللين بالأعذار * (فقد احتمل بهتانا) * بنسبة فعله إلى الغير إذ لو لم يكن في نفسه ميل لما يضاد كماله ومناسبة لمن وافقه وأطاعه لما قبل ذلك منه، فما كان إلا من قبل نفسه كما قال لهم الشيطان: * (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) * [إبراهيم، الآية: 14] إذ لو لم يكن في نفوسهم ظلمة بكسبها وظهور صفاتهم لم يكن فيهم محل لوسوسته وقابلية لدعوته * (وإثما مبينا) * ظاهرا متضاعفا لتركبه من هيئة الخطيئة والامتناع من الاعتراف، ونسبة التقصير إلى أنفسهم لتنكسر فتضعف عن الاستيلاء على القلب وحجبه عن الكمال.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»