تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٤١
وينهون الغالي المحجوب بالجمع عن التفصيل وبالوحدة عن الكثرة. * (وتؤمنون بالله) * أي: تثبتون في مقام التوحيد الذي هو الوسط، وكذا في كل تفريط وإفراط واعتدال في باب الأخلاق * (ولو آمن أهل الكتاب) * لكانوا مثلكم.
* (لن يضروكم إلا أذى) * لكونهم منقطعين عن أصل القوى والقدر، كائنين في الأشياء بالنفس التي هي محل العجز والشر، وأنتم معتصمون بالله، معتضدون به، كائنون في الأشياء بالحق الذي هو منبع القهر. فقدرتهم لا تبلغ إلا حد الطعن باللسان والخبث والإيذاء الذي هو حد قدرة النفس ونهايتها، وقدرتكم تفوق كل قدرة بالقهر والاستئصال لاتصافكم بصفات الله تعالى، فلا جرم ينهزمون منكم عند المقاتلة ولا ينصرون.
[تفسير سورة آل عمران آية 112] * (ضربت عليهم الذلة) * لأن العزة لله جميعا، فلا نصيب فيها لأحد إلا لمن تخلق بصفاته بمحو صفات البشرية، كالرسول والمؤمنين الذين هم مظاهر عزته، كما قال الله تعالى: * (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) * [المنافقون، الآية: 8]، فمن خالفهم فهو مضاد لصفة العزة، مباين للأعزاء، فتلزمه الذلة وتشمله على أي حال يكون، إلا برابطة ما بينه وبين أهل العزة كقوله: * (إلا بحبل من الله وحبل من الناس) * أي: ذمة وعهد، وذلك يكون أمرا عارضيا لا أصل له مرتبطا برابطة مجعولة فلا تقابل صفتهم الذاتية اللازمة لهم التي هي الذلة الناشئة من أصل نفوسهم. واستحقوا غضبا شديدا من عند الله لبعدهم وإعراضهم عن الحق، ولزمتهم المسكنة لانقطاعهم عن الله إلى نفوسهم فوكلهم إلى أنفسهم.
[تفسير سورة آل عمران من آية 113 إلى 117] * (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة) * أي: بالله، ثم وصفهم بأحوال أهل
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»