المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٣
بسم الله الرحمن الرحيم سورة النبأ وهي مكية بإجماع وليس فيها نسخ ولا حكم إلا ما قاله بعض الناس في قوله تعالى * (لابثين فيها أحقابا) * النبأ 23 من أنه منسوخ وهو قول خلف لأن الأخبار لا تنسخ وإنما ذكرنا هذا القول تنبيها على فساده قوله عز وجل سورة النبأ 1 - 16 أصل * (عم) * عن ما ثم أدغمت النون بعد قلبها فبقي (عما) في الخبر والاستفهام ثم حذفوا الألف في الاستفهام فرقا بينه وبين الخبر ثم من العرب من يخفف الميم تخفيفا فيقول عم وهذا الاستفهام ب * (عم) * هو استفهام توقيف وتعجب منم وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود وعكرمة وعيسى عما بالألف وقرأ الضحاك عمه بهاء وهذا إنما يكون عند الوقف و * (النبأ العظيم) * قال ابن عباس وقتادة هو الشرع الذي جاء به محمد وقال مجاهد وقتادة هو القرآن خاصة وقال قتادة أيضا هو البعث من القبور ويحتمل الضمير في * (يتساءلون) * أن يريد جميع العالم فيكون الاختلاف حينئذ يراد به تصديق المؤمنين وتكذيب الكافرين ونزغات الملحدين ويحتمل أن يراد بالضمير الكفار من قريش فيكون الاختلاف شك بعض وتكذيب بعض وقولهم سحر وكهانة وشعر وجنون وغير ذلك وقال أكثر النحاة قوله * (عن النبأ العظيم) * متعلق ب * (يتساءلون) * الظاهر كأنه قال لم يتساءلون عن هذا النبأ وقال الزجاج الكلام تام في قوله * (عم يتساءلون) * ثم كان مقتضى القول أن يجيب مجيب فيقول يتساءلون * (عن النبأ العظيم) * فاقتضى إيجاز القرآن وبلاغته أن يبادر المحتج بالجواب الذي تقتضيه الحال والمجاورة اقتضابا للحجة وإسراعا إلى موضع قطعهم وهذا نحو قوله تعالى " قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد " الأنعام 19 وأمثلة كثيرة وقد وقع التنبيه عليها في مواضعها وقرأ السبعة والحسن وأبو جعفر وشيبة والأعمش (كلا سيعلمون) بالياء في الموضعين على ذكر الغائب فظاهر الكلام أنه رد على
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»