المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤١٩
مسعود روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر القادرين بالمقدرين وقدر ابن أبي عبلة (فقدرنا) بشد الدال (فنعم المقتدرون) و (الكفات) الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع تقول كفت الرجل شعره إذا جمعه بخرقة فالأرض تكفت الأحياء على ظهرها وتكفت الأموات في بطنها و * (أحياء) * على هذا التأويل معمول لقوله * (كفاتا) * لأنه مصدر وقال بعض المتأولين * (أحياء وأمواتا) * إنما هو بمعنى ان الأرض فيها أقطار أحياء وأقطار أموات يراد ما ينبت ومالا ينبت فنصب * (أحياء) * على هذا إنما هو على الحال من * (الأرض) * والتأويل الأول أقوى وقال بنان خرجنا مع الشعبي إلى جنازة فنظر إلى الجبانة فقال هذه كفات الموتى ثم نظر إلى البيوت فقال هذه كفات الأحياء وكانت العرب تسمي بقيع الغرقد كفتة لأنها مقبرة تضم الموتى وفي الحديث (خمروا آنيتكم وأوكئوا أسقيتكم واكفتوا صبيانكم وأجيفوا أبوابكم واطفئوا مصابيحكم) ودفن ابن مسعود قملة في المسجد ثم قرا * (ألم نجعل الأرض كفاتا) * قال القاضي أبو محمد ولما كان القبر * (كفاتا) * كالبيت قطع من سرق منه و (الرواسي) الجبال لأنها رست اي ثبتت و (الشامخ) المرتفع ومنه شمخ بأنفه أي ارتفع واستعلى شبه المعنى بالشخص و (أسقى) معناه جعله سقيا للغلات والمنافع وسقى معناه للشفة خاصة هذا قول جماعة من أهل اللغة وقال آخرون هما بمعنى واحد و (الفرات) الصافي العذب ولا يقال للملح فرات وهي لفظة تجمع ماء المطر ومياه الأنهار وخص النهر المشهور بهذا تشريفا له وهو نهر الكوفة وسيحان هو نهر بلخ وجيحان هو دجلة والنيل نهر مصر وحكى عن عكرمة ان كل ماء في الأرض فهو من هذه وفي هذا بعد والله أعلم قوله عز وجل سورة المرسلات 29 - 40 الضمير في قوله * (انطلقوا) * هو * (للمكذبين) * الانسان 19 - 24 الذين لهم الويل يقال لهم * (انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون) * من عذاب الآخرة ولا خلاف في كسر اللام من قوله * (انطلقوا) * في هذا الأمر الأول وقرا يعقوب في رواية رويس (انطلقوا إلى ظل) بفتح اللام على معنى الخبر وقرا جمهور الناس (انطلقوا) بكسراللام على معنى تكرار الأمر الأول وبيان المنطلق اليه وقال عطاء الظل الذي له * (ثلاث شعب) * هو دخان جهنم وروي انه يعلو من ثلاثة مواضع يراه الكفار فيظنون أنه مغن فيهرعون اليه فيجدونه على أسوأ وصف وقال ابن عباس المخاطبة إنما تقال يومئذ لعبدة الصليب إذا اتبع كل واحد ما كان يعبد فيكون المؤمنون في ظل الله ولا ظل الا ظله ويقال لعبدة الصليب * (انطلقوا إلى ظل) * معبودكم
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»