المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٧٠
واختلفوا في معنى صفته بالقرب فقال قوم وصفها بذلك لقربها من النبي صلى الله عليه وسلم أي من مكة وقال كعب الأحبار وصفه بالقرب من السماء وروي انها أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا وهذا الخبر إن كان بوحي والا سبيل للوقوف على صحته و * (الصيحة) * هي صيحة المنادي و * (الخروج) * هو من القبور و (يومه) هو يوم القيامة و * (يوم الخروج) * في الدنيا هو يوم العيد قال حسان بن ثابت (ولأنت أحسن إذ برزت لنا * يوم الخروج بساحة القصر) (من درة أغلى الملوك بها * مما تربب حائر البحر) الكامل وقوله تعالى * (يوم تشقق) * العامل في * (يوم) * * (المصير) * وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر (تشقق) بتشديد الشين وقرا الباقون (تشقق) بتخفيف الشين و * (سراعا) * حال قال بعض النحويين وهي من الضمير في قوله * (عنهم) * والعامل في الحال * (تشقق) * وقال بعضهم التقدير * (يوم تشقق الأرض عنهم) * يخرجون * (سراعا) * فالحال من الضمير في (يخرجون) والعامل (يخرجون) وقوله تعالى * (ذلك حشر علينا يسير) * كلام معادل لقول الكفرة * (ذلك رجع بعيد) * ق 3 وقوله تعالى * (نحن أعلم بما يقولون) * وعيد محض للكفرة واختلف الناس في معنى قوله * (وما أنت عليهم بجبار) * فقال قتادة نهى الله عن التجبر وتقدم فيه فمعناه وما أنت عليهم بمتعظم من الجبروت وقال الطبري وغيره معناه وما أنت عليهم بمسلط تجبرهم على الإيمان ويقال جبرته على كذا أي قسرته ف (جبار) بناء مبالغة من جبر وانشد المفضل (عصينا عزمة الجبار حتى * صحبنا الخوف إلفا معلمينا) الوافر قال أراد ب (الجبار) النعمان بن المنذر لولايته ويحتمل ان نصب عزمة على المصدر وأراد عصينا مقدمين عزمة جبار فمدح نفسه وقومه بالعتو والاستعلاء أخلاق الجاهلية والحياة الدنيا وروى ابن عباس ان المؤمنين قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت * (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) * قال القاضي أبو محمد ولو لم يكن هذا سببا فإنه لما اعلمه انه ليس بمسلط على جبرهم أمره بالاقتصار على تذكير الخائفين من الناس
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»