المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٦٨
وقوله تعالى * (أو ألقى السمع وهو شهيد) * معناه صرف سمعه إلى هذه الأنباء الواعظة وأثبته في سماعها فذلك إلقاء له عليها ومنه قوله تعالى * (وألقيت عليك محبة مني) * طه 39 أي أثبتها عليك وقال بعض الناس قوله تعالى * (ألقى السمع) * وقوله * (ضربنا على آذانهم) * الكهف 11 وقوله * (سقط في أيديهم) * الأعراف 149 هي كلها مما قل استعمالها الآن وبعدت معانيها قال القاضي أبو محمد وقول هذا القائل ضعيف بل هي بينة المعاني وقد تقدمت في موضعها وقوله تعالى * (وهو شهيد) * قال بعض المتأولين معناه وهو مشاهد مقبل على الأمر غير معرض ولا منكر في غير ما يسمع وقال قتادة هي إشارة إلى أهل الكتاب فكأنه قال إن هذه العبرة التذكرة لمن له فهم فيتدبر الأمر أو لمن سمعها من أهل الكتاب فيشهد بصحتها لعلمه بها من كتابه التوراة وسائر كتب بني إسرائيل ف * (شهيد) * على التأويل الأول من المشاهدة وعلى التأويل الثاني من الشهادة وقرا السدي (ألقى السمع) قال ابن جني ألقى السمع منه حكى أبو عمرو الداني ان قراءة السدي ذكرت لعاصم فمقت السدي وقال أليس الله يقول * (يلقون السمع) * الشعراء 223 وقوله تعالى * (ولقد خلقنا السماوات والأرض) * الآية خبر مضمنه الرد على اليهود الذين قالوا إن الله خلق الأشياء كلها في ستة أيام ثم استراح يوم السبت فنزلت * (وما مسنا من لغوب) * واللغوب الإعياء والنصب والسأم يقال لغب الرجل يلغب إذا أعيى وقرا السلمي وطلحة (لغوب) بفتح اللام وتظاهرت الأحاديث بان خلق الأشياء كان يوم الأحد وفي كتاب مسلم وفي الدلائل لثابت حديث مضمنه ان ذلك كان يوم السبت وعلى كل قول فأجمعوا على أن آدم خلق يوم الجمعة فمن قال إن البداءة يوم السبت جعل خلق آدم كخلق بنيه لا يعد مع الجملة الأولى وجعل اليوم الذي كملت المخلوقات عنده يوم الجمعة وقوله تعالى * (فاصبر على ما يقولون) * قال بعض المفسرين أراد أهل الكتاب لقولهم ثم استراح يوم السبت قال القاضي أبو محمد وهذه المقالات من أهل الكتاب كانت بمكة قبل الهجرة وقال النظار من المفسرين قوله تعالى * (فاصبر على ما يقولون) * يراد به أهل الكتاب وغيرهم من الكفرة وعم بذلك جميع الأقوال الزائغة من قريش وغيرهم وعلى هذا التأويل يجيء قول من قال الآية منسوخة بآية السيف * (وسبح) * معناه صل بإجماع من المتأولين وقوله * (بحمد ربك) * الباء للإقتران أي سبح سبحة يكون معها حمد ومثله تنبت بالدهن على بعض الأقوال فيها و * (قبل طلوع الشمس) * هي الصبح * (وقبل الغروب) * هي العصر قاله قتادة وابن زيد والناس وقال ابن عباس * (قبل الغروب) * هي العصر والظهر * (ومن الليل) * هي صلاة العشاءين وقال ابن زيد هي العشاء فقط وقال مجاهد هي صلاة الليل وقوله * (وأدبار السجود) * قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأبو هريرة والحسن والشعبي وإبراهيم ومجاهد والأوزاعي هي الركعتان بعد المغرب
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»