المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٦٥
وأنعمت بالإدراكات وهديت السبيل والنجدين وبعثت الرسل وقال الفراء معنى قوله * (ما يبدل القول لدي) * ما يكذب لدي لعلمي بجميع الأمور قال القاضي أبو محمد فتكون الإشارة على هذا إلى كذب الذي قال * (ما أطغيته) * ق 27 وقوله تعالى * (يوم يقول) * يجوز ان يعمل في الظرف قوله * (بظلام) * ويجوز أن يعمل فيه فعل مضمر وقرا جمهور من القراء وحفص عن عاصم (نقول) بالنون وهي قراءة الحسن وأبي رجاء وأبي جعفر والأعمش ورجحها أبو علي بما تقدم من قوله (قدمت وما انا) وقرا نافع وعاصم في رواية أبي بكر (يقول) على معنى يقول الله وهي قراءة الأعرج وشيبة وأهل المدينة وقرا ابن مسعود والحسن والأعمش أيضا (يقال) على بناء الفعل للمفعول وقوله * (هل امتلأت) * تقرير وتوقيف واختلف الناس هل وقع هذا التقرير وهي قد امتلأت أو هي لم تمتلئ فقال بكل وجه جماعة من المتأولين وبحسب ذلك تأولوا قولها * (هل من مزيد) * فمن قال إنها كانت ملأى جعل قولها * (هل من مزيد) * على معنى التقرير ونفي المزيد أي هل عندي موضع يزاد فيه شيء ونحو هذا التأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم (وهل ترك لنا عقيل منزلا) وهو تأويل الحسن وعمرو وواصل ومن قال إنها كانت غير ملأى جعل قولها * (هل من مزيد) * على معنى السؤال والرغبة في الزيادة قال الرماني وقيل المعنى وتقول خزنتها والقول إنها القائلة اظهر واختلف الناس أيضا في قول جهنم هل هو حقيقة أو مجاز أي حالها حال من لو نطق لقال كذا وكذا فيجري هذا مجرى شكا إلى جملي طول السرى ومجرى قول ذي الرمة تكلمني أحجاره وملاعبه والذي يترجح في قول جهنم * (هل من مزيد) * انها حقيقة وأنها قالت ذلك وهي غير ملأى وهو قول انس بن مالك وبين ذلك الحديث الصحيح المتواتر قول النبي صلى الله عليه وسلم (يقول الله لجهنم هل امتلأت وتقول * (هل من مزيد) * حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط وينزوي بعضها إلى بعض) واضطرب الناس في معنى هذا الحديث وذهبت جماعة من المتكلمين إلى أن الجبار اسم جنس وأنه يريد المتجبرين من بني آدم وروي ان الله تعالى يعد من الجبابرة طائفة يملأ بهم جهنم آخرا وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن جلدة الكافر يصير في غلظها أربعون ذراعا) ويعظم بدنه على هذه النسبة وهذا كله من ملء جهنم وذهب الجمهور إلى أن الجبار اسم الله تعالى وهذا هو الصحيح فإن في الحديث الصحيح (فيضع رب العالمين فيها قدمه) وتأويل هذا أن القدم لها من خلقه وجعلهم في علمه ساكنيها ومنه قول الله تعالى * (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) * يونس 2 فالقدم هنا ما قدم من شيء ومنه قول الشاعر الوضاح الخصي (صل لربك واتخذ قدما * ينجيك يوم العثار والزلل) المنسرح ومنه قول العجاج (وسني الملك لملك ذي قدم *) الرمل
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»